(أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) ـ ١٩ / ٦٧ ، ثم صار شيئا بخلقه تعالى ، ومن النفى المستمر قول الشاعر :
وكنت اذ كنت الا هى وحدكا |
|
٤١٥ لم يك شىء يا الاهى قبلكا |
ولاجل كون لم للاعم يكون قولك : قمت فلم يقم زيد مبهما ، اذ المفهوم ان زيدا لم يقم عقيب قيامك بلافصل ، ولعله قام بعد قيامك بمدة ولعله لم يقم الى الحال ، بخلاف قولك : قمت فلما يقم زيد فانه صريح فى انه لم يقم الى الحال ، وذلك لافادة لما استمرار النفى الى زمان التكلم.
٣ ـ : ان منفى لما متوقع ثبوته فيما بعد زمان التكلم ، لان قولك : لم يفعل الى الآن يشعر بقرينة الى الآن انك متوقع فعله فيما بعد ، ولما تفيد معنى لم مع الى الآن ، سواء اعلم وقوعه ، اى وقوع الفعل بعد زمان التكلم نحو قوله تعالى : (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) ـ ١٠ / ٣٩ ، وقولك لمن ينتظر الصباح : لما يطلع الفجر ، فان المسلمين يعلمون اتيان تاويل ما اخبر الله تعالى عنه فى كتابه من امور المعاد وغيرها ، وكذا يعلم كل احد فى الليل ان الفجر سيطلع ، ام لم يعلم ، نحو قوله تعالى : (كَلَّا لَمَّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ) ـ ٨٠ / ٢٣ ، لان ظاهر الآية فى الانسان الكافر ، والمسلمون لم يكونوا يعلمون اى كافر يقضى ما امره الله فيما بعد نزول الآية واى كافر لا يقضى ، وكقولك : لمن لم يحج : لما تربيت الله ، ولمن ينتظر ركوب الامير : لما يركب الامير ، وللمتوانى فى العمل المغرور بشبابه : لما تشب ، وكل ذلك من المحتمل وقوعه وعدم وقوعه.
واما اذا علم امتناعه وعدم وقوعه فلا يصح استعمال لما ، كما تقول : لا كمه ينكر نور الشمس : لما تر الشمس ، وابراؤه بالاعجاز خارج عن المعتاد ، وعلى اى حال فالتوقع لا يستلزم الوقوع كما يستشم من بعض الكلمات ووقوعه فيما بعد اولا وقوعه ليس مدلول لما ، فان علم اولم يعلم فمن القرائن ، فلما لا تدل الاعلى استمرار النفى الى حال التكلم ، وعلى توقع الوقوع لا نفس الوقوع.