قال الزمخشرى فى تفسير قوله تعالى : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) ـ ٤٩ / ١٤ : معنى التوقع فى لما دال على ان هؤلاء قد آمنوا فيما بعد.
اقول : ليس لما دالة على ذلك كما بينا ، والى الآن لم يعلم اى من اولئك الاعراب آمن واى منهم لم يؤمن ، بل علم ان كثيرا منهم ارتدوا بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله كما رواه الفريقان ، وارتدادهم دليل على عدم دخول الايمان فى قلوبهم.
وقال شارح التصريح : التوقع فى لما غالب لا لازم ، ومن غير الغالب : ندم ابليس ولما ينفعه الندم.
اقول : قيد بالغالب لتوهم ان التوقع يستلزم الوقوع ، وبينا انه ليس كذلك ، على ان ندامة ابليس الى الآن غير معلومة ، وباى شاهد علم انه ندم ، وما فى بعض الآثار من ملاقاته بعض الانبياء والاولياء ومكالمته معهم لا يدل على ندامته ، وعدم نفع الندم مطلقا ان فرض واقعا ففيه تامل.
٤ ـ : ان لما لا تستعمل فى الممتنع لدلالتها على توقع الثبوت فيما بعد ، وامتناع الشئ ينافى توقع ثبوته الا من الاحمق ، بخلاف لم فانها تستعمل فى الممكن ، نحو قوله تعالى : (أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ) ـ ٩٠ / ٧ ، (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) ـ ٩٨ / ١ ، (إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ) ـ ٨٩ / ٧ ـ ٨ ، وتستعمل فى الممتنع نحو قوله تعالى : (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) ـ ١١٢ / ٣ ، (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) ـ ٢ / ٢٤ ،
٥ ـ : قالوا : ان منفى لما يكون قريبا من حال التكلم ولا يشترط ذلك فى منفى لم ، وهذا معنى قولهم : ان لم تنفى فعل ولما تنفى قد فعل ، لان قد لتقريب الماضى الى الحال ، فيقال : لم يكن زيد فى العام الماضى مقيما ، ولا يقال : لما