والنحاة جعلوا هذا المجاز اصطلاحا فصار حقيقة فى عرفهم ، وقالوا مثلا فى جاء زيد : جاء عامل وزيد معمول وعمله الرفع.
فالعامل فى الاصطلاح هو ما يؤثر فى آخر الكلمة لفظا او تقديرا او محلا اثرا له تعلق بالمعنى التركيبى ، فان الرفع فى آخر زيد فى قولك : جاء زيد اثر له تعلق بمعنى الكلام ، وذلك التعلق بيان انه فاعل لجاء ، كذا قالوا ، ولكن كيف هذا البيان ان كان الاعراب تقديريا او محليا او كان مشتركا كالمرفوعات والمنصوبات فى الاسماء.
غير ان الانصاف ان جعل هذا الفن على اساس العامل والمعمول لا بد منه فى التعليم والا فلا يتحصل منه شىء كما اشير الى هذا فى حديث ابى الاسود الدئلى المذكور فى الامر الرابع.
ثم احبوا ان يطرد اصطلاحهم فى جميع التراكيب الكلامية فالتزموا بالعامل المعنوى فيما لا يوجد لفظ يسمى عاملا ، وذلك فى المبتدا والخبر والمضارع المرفوع ، ثم لم يرتضوا بوحدة الكلمة فى هذا الجعل الوهمى ، مع انه ما كان ضير فى ان يتبع الخلف السلف ولا يحدثوا الاختلاف ، ولكن اختلفوا وتفرقوا على اقوال تاتى فى المبحث الاول من المقصد الاول.
الفصل الثانى فى العامل
الفعل عامل كائنا ما كان لان كل فعل لا بدله من فاعل هو معموله ، واكثر الافعال يقتضى غير الفاعل شيئا من المفاعيل والمتعلقات التى ياتى ذكرها فى المباحث ، ومعمول لبعض الحروف على التفاصيل التى تاتى فى خلال المباحث.
واما الاسم فالمشتق منه عامل كالفعل ، والجامد منه عامل اذا وقع مضافا او مميزا او اداة شرط او مبتدا على قول ، ومعمول للاسم والفعل والحرف على التفاصيل الآتيه.
واما الحرف فليس بمعمول اصلا ، وكثير من الحروف عامل فى الاسم او الفعل ،