عندى رجل عالم ابن خمسين سنة من بلد كذا ، ولا يكون فى ذلك البلد الا رجل واحد بهذه الاوصاف ، ولا يخرج مع ذلك عن كونه نكرة لان عدم الشيوع عارض اتفاقى ، فكل من النكرة والمعرفة تنقسم الى المحضة وغير المحضة ، ويقال لهما التامة وغير التامة.
ثم ان الفعل والحرف لا يتصفان بالتعريف والتنكير ، بل هما يختصان بالاسم ، ولكن يعامل الجملة وشبهها معاملة النكرة ويحكم عليهما بحكمها ، فلذا يوصف بكل منهما النكرة ويقع حالا ، الا ان شبه الجملة ان قدر متعلقه اسما معرفا فهو لا محالة فى حكم المعرفة لانه تابع لمتعلقه فى الاحكام ، ولكن لا يقدر ذلك ، بل يقدر له فعل او وصف منكر.
الامر الخامس
قال القوم على ما نقل ابن هشام فى الرابع عشر من سادس المغنى : ان النكرة اذا اعيدت نكرة كانت حسب المعنى المراد غير الاولى ، واذا اعيدت معرفة او اعيدت المعرفة نكرة او معرفة كانت الثانية عين الاولى حسب المعنى المراد ، فهذه اربعة وجوه ، وما قالوا ليس على القياس والكلية ، بل الامر موكول الى القرينة ، وفى كل من الوجوه الاربعة اما يكون الاول غير الثانى او عين الثانى ، فالوجوه ثمانية. دونك امثلتها.
الوجه الاول : اعادة النكرة نكرة والثانى عين الاول ، نحو قوله تعالى : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) ـ ٩٤ / ٥ ـ ٦ ، ان ال فى العسر للجنس ، ويسرا اعيد بعينه لان الجملة الثانية تاكيد للاولى ، والمراد ان العسر كائنا ما كان لا يخلو من يسر هو مخرج المبتلى بالعسر ، فانه تعالى لرافته وحنانه على عباده لا يطبق العسر على احد بحيث لا يبقى له مخرج منه.
ونحو قوله تعالى : (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَ