(ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً) ـ ١٧ / ٣٨ ، وفى الحديث كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، ورعية الرجل اهل بيته ومن له ولاية عليه ، وان عاد اليه من غير خبره جاز الوجهان كما فى قوله تعالى : (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً) ـ ١٩ / ٩٣ ـ ٩٥ ، والظاهران جملة لقد احصاهم وعدهم عدا معترضة بين المتعاطفتين لا خبر ثان عن كل ، وضمير هم يرجع الى كل لا الى من كما ظن ابن هشام لان مراده تعالى انه احصى كل من فى السماوات والارض فوجب ارجاعه اليه ، وان قطع عن الاضافة فينظر ما يقدر من المضاف اليه ، ويرجع الضمير اليه بحسبه سواء اكان الضمير فى خبره ام فى غيره ، نحو قوله تعالى : (وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ) ـ ٢٤ / ٤١ ، اى كل طائر ، (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) ـ ٣٥ / ١٣ ، اى كل واحد منهما ، (وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا) ـ ٦ / ١٣٢ ، اى لكل فريق من الجن والانس ، (وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ) ـ ٢١ / ٩٣ ، اى كلهم ، هذا فى الاكثر.
ويجوز ضمير الجمع للمفرد المقدر كقوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) ـ ٢١ / ٣٣ ، اى كل واحد من الشمس والقمر ، ونظيره فى سورة يس ، وبالعكس كقوله تعالى : (إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ) ـ ٣٨ / ١٤ ، اى كل قوم من الاقوام المذكورين فى الآية ، وابن هشام انكر هذا الجواز رادا على ابى حيان ، ولعله غفل عن هذه الآيات.
الثامنة : ان لفظة كل فى نحو قوله تعالى : (كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) ـ ٢ / ٢٥ ، وقوله تعالى : (كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً) ـ ٣ / ٣٧ ، وقوله تعالى : (كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها) ـ ٧ / ٣٧ ، شرطية ظرفية ، ولم يجئ فى كتاب الله الا مع الماضى ، واكتسبت معنى الشرط والظرف من المضاف اليه ، لان ما ياتى للشرط الزمانى نحو قوله تعالى : (فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ) ـ ٩ / ٧ ، وكقول الشاعر :