الارض ، وانما قدر هكذا زعما منه انه تعالى لا يوصف بكونه فى السماوات والارض حقيقة ، وقد بينا انه تعالى فى كل مكان حقيقة لكنه لا يتحدد بالمكان كالاجسام.
وقال الزمخشرى لهذا الزعم على ما نقل ابن هشام : ان الاستثناء منقطع ، وان الله بدل ممن ، وهذا خلاف اجماعهم اذ لم يذهب احد الى ابدال المستثنى المنقطع ، وهو الحق لان الانقطاع ينافى البدلية.
٣ ـ قوله تعالى : (فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ) ـ ٢ / ٢٤٩ ، ان الاستثناء من الجملة الاولى ، اى فمن شرب منه فليس منى الا من اغترف غرفة بيده ، لا الثانية لاختلال المعنى ، لاقتضاء ذلك ان من اغترف غرفة بيده ليس منه ، وليس الامر كذلك لان شرب غرفة كان مباحالهم.
٤ ـ قوله تعالى : (أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) ـ ٢١ / ٢١ ـ ٢٢ ، المشهور ان الا فى هذه الآية بمعنى غير ، وهو صفة لآلهة ، ولا يجوز ان تكون للاستثناء ، اذ التقدير حينئذ : لو كان فيهما آلهة ليس فيهم الله لفسدتا ، وذلك يقتضى بمفهومه انه لو كان فيهما آلهة فيهم الله لم تفسدا ، وهذا المعنى فاسد ، فالمراد لو توليهما ودبر امرهما آلهة غير الله لفسدتا لامكان تنازعهم وتمانعهم ، ولكن ليس فيهما فساد لان الامور منتظمة متسقة فالالاه واحد.
وزاد ابن هشام فى المغنى فى حرف الا على ذلك امرين : احدهما انه لا يجوز فى الا هذه ان تكون للاستثناء من جهه اللفظ ايضا ، لان آلهة جمع منكر فى الاثبات فلا عموم له فلا يصح الاستثناء منه ، فلو قلت : قام رجال الا زيدا لم يصح اتفاقا ، ثانيهما ان الا الله نعت مؤكد لا مخصص ، ولو كان الوصف تخصيصا لفسد المعنى ايضا لفساد مفهوم الوصف ، اذ مفهومه : لو كان فيهما آلهة لم تكن غير الله لم تفسدا ، وهذا فاسد ، فالمعنى لو كان فيهما آلهة متعددة غير الالاه الواحد