وجد فهو زمان حال له ، والسابق عليه الى ازل الزمان زمان مضى له ، واللاحق به الى ابد الزمان زمان استقبال له.
ولكن القوم اصطلحوا على ان الفعل الحال هو الحادث فى زمان تكلم المتكلم به ، والفعل الماضى هو الحادث قبل زمان تكلم المتكلم به والفعل المستقبل هو الحادث بعد زمان تكلم المتكلم به ، وبعبارة اخرى : ان المتكلم اذا تكلم بفعل واسنده الى فاعله ، فان كان زمان وجود الحدث قبل زمان التكلم فالفعل ماض ، او مقارنا له فحال ، او بعده فمستقبل ، واللفظ الموضوع للحدث الماضى صيغة الماضى ، واللفظ الموضوع للحدث الحالى والاستقبالى صيغة المضارع ، هذا فى الاخباريّات ، واما الحدث الانشائى فهو لا محالة واقع فى مستقبل زمان التكلم ، واما نفس الانشاء فزمانه زمان التكلم ، وعلى ما جرى عليه القوم فان اتى المتكلم بصيغة الماضى للحدث الذى وقع فى زمان التكلم او بعده ، او اتى بصيغة المضارع للحدث الذى حصل قبل زمان التكلم فهو متجوز واستعمل اللفظ فى غير معناه وارتكب المجاز وخرج عن طريق الحقيقة لان الفعل عندهم كلمة تدل على معنى مستقل مقترن باحد الازمنة الثلاثة ، وصيغة الماضى وضعت للحدث الواقع قبل زمان التكلم ، وصيغة المضارع وضعت بالاشتراك للحدث الواقع حين التكلم او بعده ، واذا تخلف متكلم عن ذلك فهو متجوز ، ولا بد للسامع ان ينحت لارتكابه المجاز وجها.
اقول : ان امير المؤمنين عليهالسلام الذى الهم النحو الى البشر لم يتذكر الزمان فى تعريف الفعل الذى وقع فى حديث ابى الاسود المذكور فى الامر الرابع من المقدمة ، بل هو قال : الفعل هو ما دل على حركة المسمى ، فما الذى دعا القوم الى خلافه والذهاب الى الذى يخالفه استعمال العرب ، فان ما نرى فى كلامهم انهم يستعملون صيغة الماضى والمضارع للحدث الحاصل حال التكلم وقبله وبعده وللحدث المستمر من قبل التكلم الى بعده بعيدا او قريبا ، والقوم التزموا بارتكاب التجوز فى جميع ما استعمل على خلاف ما اصطلحوا عليه ، وذلك ليس بقليل ، بل هو اكثر من الكثير ،