من ستين موضعا خطابا الى المسلم والكافر ، (وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) فى اكثر من اربعين موضعا غيابا عن المسلم والكافر مع ان الكلام على قولهم يصير اخبارا ، اى لانه يتذكر او يخشى مع ان فرعون لم يتذكر ولم يخش الى ان هلك ، فكيف يخبر تعالى بوقوع ما لن يقع ، واما المعنى الاخر فلا داعى لصرف الكلام عن ظاهره مع امكان حمله على ظاهره.
فالحق ما قلنا من ان وقوع لعل فى كلامه تعالى باعتبار لازم معنى التوقع ، اى الارادة والكراهة ، كما هو الشان فى كل مفهوم ينسب اليه تعالى ولا يليق بجنابه كالرضا والسخط وغيرهما وموضع شرح هذا المطلب فى غير هذا الفن من كتب الكلام والتفسير.
السادس ـ وقال : الثالث من معانيها : الاستفهام ، اثبته الكوفيون ، ولهذا علق به الفعل فى نحو (لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً) ـ ٦٥ / ١ ، ونحو (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى) ـ ٨٠ / ٣ ،.
اقول : معنى الكلام على كونها للاستفهام : لا تدرى ايها المطلق زوجتك للعدة هل يحدث الله بعد الطلاق امرا من الوداد بينكما حتى ترجع ام لا ، ولا تدرى ايها العابس هل هو يتزكى ام لا.
وذهب بعضهم الى التوجيه هكذا : لا تدرى ايها المطلق ما قدره الله لك ، كن على رجاء ان يحدث الله بعد الطلاق امرا ينفعك ، وما يدريك ايها العابس ما قدره الله له كن على رجاء ان يتزكى ذلك الرجل ، وهذا كله صرف الكلام عن ظاهره بلا موجب ، فالحق هنا ايضا ما قلنا ، اى لا تدرى ارادته ، وما يدريك ارادته ، واما حديث التعليق فراجع الى الاعراب ، وياتى فى مبحث افعال القلوب.
ان قلت : كيف يكون ارادته تعالى لفعل نفسه فى قوله : لعل الله يحدث الخ ، قلت : ارادته فى مثل (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) تشريعية ، فانه تعالى يفهم بهذا الكلام بدلالة الالتزام انه يريد منكم التقوى ويحبها ، واما مدلوله المطابقى اى معنى الترجى