ووقع فى شعر المتنبى زيادة الباء فى فاعل كفى المتعدية لواحد ، ولم ارمن انتقد عليه ذلك ، وشعره هذا.
كفى ثعلا فخرا بانّك منهم |
|
١٥٩١ ودهر الان امسيت من اهله اهل |
وهكذا كفى التى بمعنى وقى متعدية الى مفعولين ، ولا يدخل على فاعلها الباء ، كقوله تعالى : (وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) ـ ٣٣ / ٢٥ ، (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ) ـ ٢ / ١٣٧ ، انته كلام ابن هشام.
اقول : ان الكفاية فى جميع استعمالاتها لها معنى واحد هو الاغناء ، ويتقوم هذا المعنى بالمغنى والمغنى وما يتحصل به مراد المغنى من جلب نفع او دفع شر ، فالاول فاعل كفى والثانى مفعولها الاول والثالث مفعولها الثانى ، فقوله تعالى : (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ) ، اى يكفيك الله دفع شرهم ، فان دفع شرهم مراد النبى ، وكذا قوله : كفى الله المؤمنين القتال ، فان قتال الكافرين مراد المؤمنين ، وقوله : (أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ) ـ ٣ / ١٢٤ ، اى الن يكفيكم امداد ربكم بالملائكة قتال المشركين ، والمفعول الثانى مقدر ، وقوله : كفى بالله شهيدا ، اى كفى شهادة الله عباده فصل مخاصماتهم ، والمفعولان مقدران ، وشهيدا تمييز للفاعل ، والباء للتاكيد ، وقوله : (أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) ـ ٤١ / ٥٣ ، انه بدل من ربك والمفعولان محذوفان ، وشرح الابيات فى شرح الشواهد الشعرية.
واما حديث التضمين فلا يستقيم ، بل اكتف به تفريع عليه ، اى كفاكم الله امركم فاكتفوا به ، وهو مطاوع كفى وفاعله مفعوله الاول ، والباء داخلة على المفعول الثانى ، كما تقول : كفانى الله امرى فاكتفيت به ، اى بذلك الامر.
وقد يجعل المفعول الثانى فاعلا لكفى اذ به يحصل الكفاية ، والفاعل الحقيقى يطوى فى الكلام ، كما يقال : كفاك هذا الشئ فاكتف به ، ومن ذلك قول الشاعر : قليل منك يكفينى الخ ، والفاعل الحقيقى هو المجرور بمن.