(إِذْ) بدل من إذ قبله (تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا) أي الرؤساء (مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا) أي أنكروا إضلالهم (وَ) قد (رَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ) عطف على تبرأ (بِهِمُ) عنهم (الْأَسْبابُ) (١٦٦) الوصل التي كانت بينهم في الدنيا من الارحام والمودة (وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً) رجعة إلى الدنيا (فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ) أي المتبوعين (كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا) اليوم ، ولو للتمني ونتبرأ جوابه (كَذلِكَ) أي كما أراهم شدة عذابه وتبرأ بعضهم من بعض (يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ) السيئة (حَسَراتٍ) حال ندامات (عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ) (١٦٧) بعد دخولها. ونزل فيمن حرم السوائب ونحوها (يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً) حال (طَيِّباً) صفة موكدة أي مستلذا (وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ) طرق (الشَّيْطانِ) أي تزيينه (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (١٦٨) بين العداوة (إِنَّما يَأْمُرُكُمْ
____________________________________
هذا هو جواب الشرط. قوله : (أي الرؤساء) أي كفرعون والنمروذ وعبد الله بن سلول وحيي بن أخطب وغيرهم. قوله : (أي أنكروا إضلالهم) أي قالوا يا ربنا لم نضل هؤلاء بل ضلوا في أنفسهم وكفروا بإرادتهم. قوله : (عنهم) أشار بذلك إلى أن الباء بمعنى عن على حد (فسئل به خبيرا). قوله : (من الأرحام) قال تعالى : (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ). قوله : (ونتبرأ جوابه) أي فهو منصوب بأن مضمرة بعد فاء السببية.
قوله : (كَذلِكَ) أي يتحاجون ولا تنفعهم المحاججة. قوله : (وتبرأ بعضهم) معطوف على أراهم أي مثل ما أراهم شدة العذاب ومثل ما تبرأ بعضهم يريهم. قوله : (أَعْمالَهُمْ) أي جزاءها. قوله : (حال) أي من أعمالهم. قوله : (ندامات) جمع ندامة. قوله : (ونزل فيمن حرم السوائب) أي وهم قبائل العرب حرموا أمورا لم يرد تحريمها من الشرع ، والسوائب جمع سائبة والمراد بها في عرف الجاهلية الناقة أو البعير المنذورة للصنم ، كان يقول الواحد منهم : إن قدمت من سفري فناقتي أو بعيري سائبة للأصنام ، فتصير لا ملك لأحد عليها ولا تؤكل وإن ذكيت. قوله : (ونحوها) أي كالبحيرة والوصيلة والحام ، فالبحيرة هي المنذورة اللبن للأصنام ، والوصيلة التي تبكر بالأنثى ثم تتبعها بالأنثى فإن الأم صارت عتيقة الأصنام لا يحمل عليها ولا يؤكل لبنها ولا لحمها ، والحام فحل الإبل يضرب مدة في الإبل معلومة فإذا استوفاها صار عتيقا للأصنام ، وسيأتي إيضاح ذلك.
قوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ) هذا خطاب لأهل مكة ولا ينافيه كون السورة مدنية فإن ذلك من حيث النزول. قوله : (مِمَّا فِي الْأَرْضِ) من للتبعيض لأن بعض ما في الأرض لا يجوز أكله ، كالحجارة والخنزير وما ورد تحريمه. قوله : (صفة مؤكدة) أي فمعنى الطيب الحلال ، وقوله : (أي مستلذا) أي لنفس المؤمن وهو ما عدا الحرام ، هكذا في نسخة ، وفي نسخة أخرى أو مستلذا وهي أولى فعليها هو صفة مخصصة ، فإن الحلال بعضه غير مستلذ كالصبر والمر ، وبعضه مستلذ كالسمن والعسل ، والحاصل أنه إن أريد بالمستلذ الشرعي وهو ما عدا الحرام فالصفة مؤكدة ويناسبها نسخة أي مستلذا ، وإن أريد به المستلذ الطبعي أي الذي لا يمجه الطبع فالصفة مخصصة ويناسبها نسخة أو مستلذا. قوله : (خُطُواتِ) بسكون الطاء وضمها قراءتان سبعيتان ، وقرأ أبو السماك بفتح الخاء والطاء. قوله : (أي تزيينه) أي فأطلق الخطوات التي هي ما بين القدمين وأراد التزيين ، والجامع بينهما الإتباع في كل. قوله : (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ)