اليهود حيث قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه أي ليس الأمر بتزكيتهم أنفسهم (بَلِ اللهُ يُزَكِّي) يطهر (مَنْ يَشاءُ) بالإيمان (وَلا يُظْلَمُونَ) ينقصون من أعمالهم (فَتِيلاً) (٤٩) قدر قشرة النواة (انْظُرْ) متعجبا (كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) بذلك (وَكَفى بِهِ إِثْماً مُبِيناً) (٥٠) بينا. ونزل في كعب ابن الأشرف ونحوه من علماء اليهود لما قدموا مكة وشاهدوا قتلى بدر وحرضوا المشركين على الأخذ بثأرهم ومحاربة النبي صلىاللهعليهوسلم (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ) صنمان لقريش (وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) أبي سفيان وأصحابه حين قالوا لهم أنحن أهدى سبيلا
____________________________________
اليهود) وقيل هم والنصارى ، لأن هذه المقالة وقعت منهما ، لقوله تعالى : (وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ). قوله : (حيث قالوا نحن أبناء الله) أي كالأبناء من حيث إن منزلتنا عنده عظيمة ، وقائل هذه اللفظة كافر ، ولو على سبيل المجاز. قوله : (أي ليس الأمر بتزكيتهم الخ) أي ليس الأمر منوطا ومعتبرا بتزكيتهم أنفسهم ، وهذا تمهيد لقوله تعالى : (بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ). قوله : (بالإيمان) أي وجميع الأعمال الصالحة ، وإنما اقتصر عليه لأن مدار النجاة عليه. قوله : (وَلا يُظْلَمُونَ) يحتمل أن الضمير عائد على المؤمنين ، أي فيجازيهم على أعمالهم الصالحة ، ولا ينقص منه شيء ولو كان أقل قليل ، وهذا هو المتبادر من المفسر ، وقيل إنه عائد على الكفار ، أي فيعذبهم بذنوبهم ، ولا ينقصون شيئا من أعمالهم ، ويحتمل العموم وهو الأولى. قوله : (قدر قشرة النواة) هذا سبق قلم ، والمناسب قدر الخيط الذي يكون في بطن النواة ، وأما القطمير فهو قشر النواة ، والنقير النقرة التي تكون في وسطها ، والثفروق هو ما بين النواة والقمع ، وذكر في القرآن الثلاثة الأول ، وعادة العرب تمثل بأحد الأربعة لأقل قليل. قوله : (متعجبا) أشار بذلك إلى أن الاستفهام تعجبي.
قوله : (وَكَفى بِهِ) أي الافتراق. قوله : (ونزل في كعب بن الأشرف الخ) حاصل ما ذكره الخازن ، أنه بعد وقعة بدر ، ضاق صدر كعب بن الأشرف ، فركب مع سبعين راكبا من اليهود حتى قدموا مكة ، فنزلوا على أبي سفيان وأصحابه ، فأحسنوا مثواهم ، ثم قال لهم أبو سفيان وأصحابه : ما ذا تريدون؟ فقالوا : نريد حرب محمد ونقض عهده ، فقال أبو سفيان وأصحابه : لا نأمن أن يكون هذا مكرا منكم ، فإن كان ما تقولون حقا ، فاسجدوا لهذين الصنمين ، ففعلوا ، ثم قال كعب : ليأت منكم ثلاثون رجلا ومنا ثلاثون ، فنلزق أكبادنا بالكعبة ، فنعاهد رب البيت لنجهدن في قتال محمد ، ففعلوا ، ثم قال أبو سفيان لكعب : إنك امرؤ تقرأ الكتاب ونحن أميون ، فأينا أهدى سبيلا أنحن أم محمد؟ فقال كعب : اعرض علي دينكم ، فقال أبو سفيان : نحن ننحر للحجيج ونسقيهم الماء ، ونقري الضيف ، ونفك العاني ونصل الرحم ، ونعمر بيت ربنا ونطوف به ، ونحن من أهل الحرم ، ومحمد فارق دين آبائه والحرم وقطع الرحم ، وديننا القديم ، ودين محمد حادث ، فقال كعب : أنتم والله أهدى سبيلا مما عليه محمد ، فنزلت الآية. قوله : (ونحوه من علماء اليهود) أي وكانوا سبعين راكبا. قوله : (وحرضوا المشركين) أي أبا سفيان وأصحابه. قوله : (بثأرهم) بالهمز وتركه.
قوله : (أَلَمْ تَرَ) أي تعلم وتنظر لفعلهم. قوله : (مِنَ الْكِتابِ) أي التوراة. قوله : (يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ) أي بسجودهم لهما. قوله : (صنمان لقريش) وقيل الجبت اسم لكل صنم يعبد ،