أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) من الكتب (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ) نصب على المدح وقرىء بالرفع (وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ) بالنون والياء (أَجْراً عَظِيماً) (١٦٢) هو الجنة (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَ) كما (أَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) ابنيه (وَيَعْقُوبَ) ابن اسحاق (وَالْأَسْباطِ) أولاده (وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ
____________________________________
الراسخون. وقوله : (أُولئِكَ) مبتدأ ، و (سَنُؤْتِيهِمْ) خبره ، والجملة خبر الراسخون.
قوله : (وَالْمُؤْمِنُونَ) عطف على الراسخون عطف مفصل على مجمل ، لأن الإيمان وما بعده متنوع ولازم للرسوخ في العلم ، فنزل التغاير الاعتباري منزلة التغاير الذاتي ، وهذا على أن المراد المؤمنون منهم وأما على أن المراد المؤمنون من غيرهم ، أو ما هو أعم ، فالمغايرة ظاهرة ، وقوله : (يُؤْمِنُونَ) الخ حال من المؤمنون والراسخون. قوله : (بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) أي وهو القرآن ، وهذه الصفات للإيمان الكامل ، فلا يكون الإنسان كامل الإيمان حتى يتصف بجميعها. قوله : (نصب على المدح) أي فتكون جملة معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه ، وإنما نصبهم تعظيما لشأنهم ، وما قاله المفسر هو أحسن الأجوبة عن الآية ، ويصح أنه معطوف على الكاف في إليك ، ويكون المراد بالمقيمين الأنبياء ، ويصح أنه معطوف على ما أنزل ، ويكون المراد بالمقيمين الأنبياء والملائكة ، ويصح أن يكون معطوفا على الهاء في منهم ، أي لكن الراسخون في العلم منهم ومن المقيمين. قوله : (وقرىء بالرفع) أي وعليها ، فلا إشكال وهي شاذة وإن وردت عن كثير.
قوله : (وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ) أي المصدقون بأن الله يجب له كل كمال ، ويستحيل عليه كل نقص ، وقوله : (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) أي يصدقون بأنه حق وما يقع فيه صدق. قوله : (هو الجنة) أي الخلود فيها ، وهو مقابل قوله : (واعتدنا لهم عذابا أليما).
قوله : (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) قيل سبب نزولها أن مسكينا وعدي بن زيد قالا : يا محمد ما نعلم أن الله أنزل على بشر من شيء من بعد موسى ، وقيل هو جواب لقولهم : (لن نؤمن لك حتى تنزل علينا كتابا من السماء جملة واحدة) فالمعنى أنكم تقرون بنبوة نوح وجميع الأنبياء المذكورين في الآية ولم ينزل على أحد من هؤلاء كتابا جملة مثل ما أنزل على موسى ، فقدم إنزال الكتاب جملة ليس قادحا في نبوتهم ، فكذلك محمد صلىاللهعليهوسلم.
قوله : (كَما أَوْحَيْنا) يحتمل أن تكون ما مصدرية ، والمعنى كوحينا ، وأن تكون اسم موصول والعائد محذوف ، والتقدير كالذي أوحيناه أي الأحكام التي أوحيناها إلى نوح الخ. قوله : (إِلى نُوحٍ) قدمه لأنه أول نبي أرسله الله لينذر الناس من الشرك ، وعاش ألف سنة وخمسين عاما وهو صابر على أذى قومه ، لم يشب فيها ولم تنقص قواه ، وهو أول الأنبياء أولي العزم ، وكان أبا البشر بعد آدم لانحصار الناس في ذريته. قوله : (إِلى إِبْراهِيمَ) خصه بعد نوح ، لأن أكثر الأنبياء من ذريته وهو ابن تارخ ، وقيل هو آزر ، وقيل هو أخوه فآزر عم ابراهيم. قوله : (وَإِسْماعِيلَ) كان نبيا ورسولا بمكة ، ثم لما مات نقل إلى الشام. قوله : (وَإِسْحاقَ) كان رسولا بالشام بعد اسماعيل ومات بها.
قوله : (وَيَعْقُوبَ) هو إسرائيل ، ثم يوسف ابنه ، ثم شعيب بن نويب ، ثم هود بن عبد الله ، ثم