فجميع الذكور حرام أو الأنوثة فجميع الإناث أو اشتمال الرحم فالزوجان فمن أين التخصيص والاستفهام للإنكار (وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ) بل (كُنْتُمْ شُهَداءَ) حضورا (إِذْ وَصَّاكُمُ اللهُ بِهذا) التحريم فاعتمدتم ذلك لا بل أنتم كاذبون فيه (فَمَنْ) أي لا أحد (أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) بذلك (لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (١٤٤) (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَ) شيئا (مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ) بالياء والتاء (مَيْتَةً) بالنصب وفي قراءة بالرفع مع التحتانية (أَوْ دَماً مَسْفُوحاً) سائلا بخلاف غيره كالكبد والطحال (أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) حرام (أَوْ) إلا
____________________________________
جميع الذكور ، وإن كانت الأنوثة ، لزمكم تحريم جميع الإناث ، وإن كان ما اشتملت عليه الأرحام لزمكم تحريم الجميع ، فلأي شيء خصصتم التحريم ببعض الذكور والإناث ، فمن أين التخصيص ، أي تخصيص تحريم البحائر والسوائب بالإبل ، دون بقية النعم من البقر والغنم. قوله : (والاستفهام للإنكار) أي في المواضع الثلاثة. قوله : (أَمْ كُنْتُمْ) أم منقطعة ، فلذا فسرها ببل والهمزة ، فمدخولها جملة مستقلة ، والمقصود بها التهكم بهم ، حيث نسبهم إلى الحضور في وقت الإبصار. قوله : (حضورا) أي حاضرين ومشاهدين تحريم البعض وتحليل البعض. قوله : (لا) أي لم تكونوا حاضرين ، ولم يدل دليل على تحريم البعض وتحليل البعض. قوله : (أي لا أحد) أشار بذلك إلى أن الاستفهام إنكاري بمعنى النفي.
قوله : (لِيُضِلَّ النَّاسَ) متعلق بافترى. قوله : (بِغَيْرِ عِلْمٍ) متعلق بمحذوف حال من فاعل افترى ، أي افترى حال كونه ملتبسا بغير علم بل جاهلا. قوله : (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) تعليل لما قبله ، والمعنى لا يرشد الذين تعدوا حدود الله بالتحليل والتحريم إلى الصراط المستقيم لسابق الشقاوة لهم. قوله : (قُلْ لا أَجِدُ) لما ألزمهم الله الحجة بأن التحريم عند أنفسهم لا من عند الله ، أخبرهم بما ثبت تحريمه عن الله ، فهو نتيجة ما قبله وثمرته ، والمعنى قل يا محمد لكفار مكة لا أجد فيما أوحي إلي الخ. قوله : (فِي ما أُوحِيَ إِلَيَ) ما اسم موصول ، وأوحي صلته ، والعائد محذوف ، والتقدير في الذي أوحاه الله إلي وهو القرآن. قوله : (شيئا) (مُحَرَّماً) قدره المفسر إشارة إلى أن محرما صفة لموصوف محذوف. قوله : (عَلى طاعِمٍ) متعلق بمحرما. وقوله : (يَطْعَمُهُ) من باب لهم ، ومعنى طاعم آكل ، ويطعمه يأكله. قوله : (إِلَّا أَنْ يَكُونَ) اسمها ضمير مستتر عائد على الشيء المحرم ، و (مَيْتَةً) بالنصب خبرها ، فذكر باعتبار ما عاد عليه الضمير ، وهذا على قراءة الياء ، وأما على التاء فالتأنيث باعتبار خبر يكون وهو ميتة ، وهاتان قراءتان على نصب ميتة ، وأما رفعها ففيه قراءة واحدة بالفوقانية فتكون تامة وميتة فاعل. إذا علمت ذلك فقول المفسر : (وفي قراءة بالرفع مع التحتانية) سبق قلم ، والصواب الفرقانية ، وهذا الاستثناء يصح أن يكون متصلا باعتبار عموم الأحوال أو منقطعا ، لأنه مستثنى من محرما وهو ذات ، والمستثنى كونه ميتة ، وهو معنى ، قيس من جنس المستثنى منه ، والأقرب كونه متصلا.
قوله : (أَوْ دَماً) بالنصب عطف على ميتة في قراءة النصب ، وعلى المستثنى في قراءة الرفع. قوله : (مَسْفُوحاً) من السفح هو السيلان أو الصب ، والدم المسفوح نجس من سائر الحيوانات ، ولو من سمك وذباب ، وعند أبي حنيفة لا دم للسمك أصلا ، بدليل أنه إذا نشف صار أبيض. قوله : (كالكبد