جزيلا (وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ) استفهام توبيخ أي لا مانع لكم من القتال (فِي سَبِيلِ اللهِ وَ) في تخليص (الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ) الذين حبسهم الكفار عن الهجرة وآذوهم قال ابن عباس رضي الله عنهما كنت أنا وأمي منهم (الَّذِينَ يَقُولُونَ) داعين يا (رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ) مكة (الظَّالِمِ أَهْلُها) بالكفر (وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ) من عندك (وَلِيًّا) يتولى أمورنا (وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً) (٧٥) يمنعنا منهم وقد استجاب الله دعاءهم فيسر لبعضهم الخروج وبقي بعضهم إلى أن فتحت مكة وولى صلىاللهعليهوسلم عتاب بن أسيد فأنصف مظلومهم من ظالمهم (الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ) الشيطان (فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ) أنصار دينه تغلبوهم لقوتكم بالله (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ) بالمؤمنين (كانَ ضَعِيفاً) (٧٦) واهيا لا يقاوم كيد الله بالكافرين (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ) عن قتال
____________________________________
البيع نظير (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ). قوله : (وَمَنْ يُقاتِلْ) الخ ، من اسم شرط مبتدأ ، ويقاتل فعل الشرط ، وقوله : (فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ) معطوف على (يُقاتِلْ) عطف مسبب على سبب ، وقوله : (فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) جواب الشرط وجملة الشرط وجوابه خبر المبتدأ.
قوله : (وَما لَكُمْ) الخ ، ما اسم استفهام مبتدأ ، ولكم جار ومجرور خبره ، وجملة (لا تُقاتِلُونَ) في محل نصب على الحال ، والمعنى أي شيء ثبت لكم حال كونكم غير مقاتلين ، وهذا أحسن الأعاريب. قوله : (وَ) (في تخليص) (الْمُسْتَضْعَفِينَ) أشار بذلك إلى أن قوله (الْمُسْتَضْعَفِينَ) معطوف على سبيل الله ، لكن على حذف مضاف. وسبب نزولها أنه كان قبل الهجرة لم يشرع الجهاد ، فلما هاجر عليه الصلاة والسّلام أمر بالجهاد ، فتكاسل بعض ضعفاء المؤمنين وجميع المنافقين ، فنزلت الآية توبيخا لهم على ترك القتال ، لإعلاء كلمة الله وتخليص المستضعفين. قوله : (وَالْوِلْدانِ) قيل جمع وليد بمعنى ولد ، وقيل جمع ولد أي الصغار. قوله : (الذين حبسهم الكفار) أي بمكة. قوله : (كنت أنا وأمي) أي وأخي الفضل. قوله : (الَّذِينَ) صفة للمستضعفين و (يَقُولُونَ) صلة الذين. قوله : (الظَّالِمِ) نعت القرية و (أَهْلُها) فاعل الظالم وذكر النعت وإن كان المنعوت مؤنثا لأنه نعت سببي رفع اسما ظاهرا ، فذكر نظرا لذلك الاسم الظاهر. قوله : (إلى أن فتحت مكة) أي في السنة الثامنة من الهجرة. قوله : (عتاب بن أسيد) أي وكان عمره ثمانية عشر سنة ، فكان ينصر المظلومين من الظالمين ، ويأخذ للضعيف من القوي ، الدعاء بهذه الآية مستجاب لمن وقع في بلدة كثر ظلم أهلها.
قوله : (الَّذِينَ آمَنُوا) الخ ، المقصود من ذلك تحريض المؤمنين على القتال وترغيبهم فيه. قوله : (فِي سَبِيلِ اللهِ) أي في مرضاته لإعلاء دينه. وقوله : (فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ) أي في مرضاته. قوله : (تغلبوهم) مجزوم في جواب الأمر. وقوله : (لقوتكم) علة له. قوله : (كانَ ضَعِيفاً) أي بالنسبة إلى كيد الله تعالى ، وأما عظم كيد النساء في آية يوسف ، فبالنسبة إلى الرجال فضعف كيد الشيطان لمقابلته بكيد الله ، وعظم كيد النساء لمقابلته بكيد الرجال ، وإلا فأصل كيد النساء التقدير من الشيطان ، وفي الحديث : «النساء حبائل الشيطان». قوله : (واهيا) أي لا ضرر فيه أصلا ، ولذا خذل الشيطان أولياءه لما رأى الملائكة نزلت يوم بدر ، وكان النصر لأولياء الله وحزبه.