(بَلى) يدخل الجنة غيرهم (مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ) أي انقاد لأمره وخص الوجه لأنه أشرف الأعضاء فغيره أولى (وَهُوَ مُحْسِنٌ) موحد (فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ) أي ثواب عمله الجنة (وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (١١٢) في الآخرة (وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ) معتد به وكفرت بعيسى (وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ) معتد به وكفرت بموسى (وَهُمْ) أي الفريقان (يَتْلُونَ الْكِتابَ) المنزل عليهم وفي كتاب اليهود تصديق عيسى وفي كتاب النصارى تصديق موسى والجملة حال (كَذلِكَ) كما قال هؤلاء (قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) أي المشركون من العرب وغيرهم (مِثْلَ قَوْلِهِمْ) بيان لمعنى ذلك أي قالوا لكل ذي دين ليسوا على شيء (فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (١١٣) من أمر الدين فيدخل المحق الجنة والمبطل النار (وَمَنْ أَظْلَمُ) أي لا أحد أظلم (مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) بالصلاة والتسبيح (وَسَعى فِي خَرابِها) بالهدم أو التعطيل. نزلت إخبارا عن الروم الذين خربوا بيت المقدس أو في المشركين
____________________________________
مصروف. قوله : (بَلى) أي لا يدخلها أحد منكم. قوله : (مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ) أي دخل الإسلام بوجهه أي بذاته ومعناه انقاد بظاهره ، وقوله موحد أي بباطنه لا منافق بل منقاد بظاهره مؤمن موحد بباطنه. قوله : (معتد به) أي بل هم على باطل وقدره المفسر إشارة إلى أن صفة شيء محذوفة ، وهذه أصدق مقالة قالتها اليهود والنصارى. قوله : (وكفرت بعيسى) أي وزعمت أنها قتلته. قوله : (يَتْلُونَ الْكِتابَ) المراد به بالنسبة لليهود التوراة ، والنسبة للنصارى الأنجيل. قوله : (المشركون من العرب) أي فالمراد من ذلك تسلية رسول الله على ما وقع من المشركين ، فإن اليهود والنصارى كفروا وضلوا مع علمهم بالحق فكيف بمن لا علم عنده فلا يستغرب ذلك منهم. قوله : (فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ) أي الفرق المذكورة : اليهود والنصارى ومشركي العرب ومن أسلم وجهه لله وهو محسن.
قوله : (وَمَنْ أَظْلَمُ) من اسم استفهام مبتدأ وأظلم خبره. قوله : (أي لا أحد أظلم) استشكل بأنه يقتضي أن من منع مساجد الله من ذكر اسمه فيها لم يساوه أحد في الظلم ، فكيف ذلك مع قوله تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ) (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ) الآية ، المقتضى كل آية منها أنه لا أحد أظلم ممن ذكر فيها ، وأجيب بأن هؤلاء الموجودين في الآيات ظلمهم زائد عن غيرهم ، وكون الظلم الواقع من بعضهم مساويا للبعض الآخر أم لا شيء آخر تأمل ، وأشار المفسر بقوله أي لا أحد أظلم إلى الإستفهام إنكاري بمعنى النفي. قوله : (مِمَّنْ مَنَعَ) يتعدى لمفعولين الأول بنفسه وهو مساجد ، والثاني قوله أن يذكر فهو في تأويل مصدر مجرور بمن ، التقدير لا أحد أظلم ممن منع مساجد الله من ذكر اسمه فيها ، والمنع إما بغلقها أو تعطيل الناس عنها أو تخريبها أو أكل ربعها أو التفريط في حقوقها ، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
قوله : (مَساجِدَ اللهِ) جمع مسجد سمي باسم السجود لأنه أشرف أركان الصلاة ، لقوله صلىاللهعليهوسلم أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ولأنه محل غاية الذل والخضوع لله عزوجل وإن كان القياس فتح عينه في المفرد لكنه لم يسمع إلا الكسر فالقراءة سنة متبعة. قوله : (بالصلاة والتسبيح) أشار بذلك إلى أن المراد بذكر اسم الله فيها ما يعم الصلاة وغيرها. قوله : (نزلت إلخ) هذا إشارة إلى بيان سبب نزولها. قوله :