كانت لأجزأتهم ولكن شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم» (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ) فيه إدغام التاء في الأصل في الدال أي تخاصمتم وتدافعتم (فِيها وَاللهُ مُخْرِجٌ) مظهر (ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) (٧٢) من أمرها وهذا اعتراض وهو أول القصة (فَقُلْنا اضْرِبُوهُ) أي القتيل (بِبَعْضِها) فضرب بلسانها أو عجب ذنبها فحيي وقال قتلني فلان وفلان لابني عمه ومات فحرما الميراث وقتلا. قال تعالى : (كَذلِكَ) الإحياء (يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى وَيُرِيكُمْ آياتِهِ) دلائل قدرته (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (٧٣) تتدبرون فتعلمون أن القادر على إحياء نفس واحدة قادر على إحياء نفوس كثيرة فتؤمنون (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ) أيها اليهود صلبت عن قبول الحق (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) المذكور من إحياء القتيل وما قبله من الآيات (فَهِيَ كَالْحِجارَةِ) في القسوة (أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) منها (وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ) فيه إدغام التاء في الأصل في الشين (فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ) ينزل من علو إلى أسفل (مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) وقلوبكم لا تتأثر ولا
____________________________________
يَفْعَلُونَ) أي ما قاربوا الفعل (قوله لغلاء ثمنها) أي أو للتعنت في أوصافها. قوله : (فيه إدغام التاء في الأصل إلخ) أي اصله تدار أتم قلبت التاء دالا وأدغمت فيها وأتى بهمزة الوصل توصلا للنطق بالساكن. قوله : (أي تخاصمتم) أي اتهم بعضكم بعضا. قوله : (وهذا اعتراض) أي جملة معترضة بين المعطوف وهو فقلنا اضربوه إلخ والمعطوف عليه وهو فذبحوها. قوله : (وهو أول القصة وإنما أخره ليواصل قبائح بني إسرائيل بعضها ببعض. قوله : (فَقُلْنا) معطوف على فذبحوها والقائل الله على لسان موسى. قوله : (بلسانها) أي لأنه محل الكلام. قوله : (أو عجب ذنبها) إشارة لتنويع الخلاف ، والحكمة في ذلك أنه محل حياة ابن آدم ، وقيل ضربوه بفخذها اليمنى وقيل بقطعة لحم منها. قوله : (فحيي) ورد أنه قام واوداجه تشخب دما. قوله : (ومات) أي سريعا بلا مهلة. قوله : (فحرما الميراث) أي لأن القاتل لا يرث من تركة المقتول شيئا حتى في شرع موسى ، وسبب قتله إياه أن المقتول كان غنيا والقاتل كان فقيرا فلما طال عمر المقتول قتله ليرثه ، وقيل غير ذلك. قوله : (كَذلِكَ) هذه الجملة معترضة بين قصص بني أسرائيل ردا على منكري البعث ، فإن بني إسرائيل لم يكونوا منكرين له ، فالخطاب لمشركي العرب المنكرين للبعث.
قوله : (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ) نزل استبعاد قسوة قلوبهم لظهور الخوارق للعادات العظيمة منزلة التراخي ، فأتى بثم وأكده بالظرف بعده. قوله : (أيها اليهود) دفع بذلك ما يقال إنه خطاب لغير بني إسرائيل كالذي قبله. قوله : (صلبت عن قبول الحق) أشار بذلك إلى أن في قست استعارة تصريحية تبعية حيث شبه عدم الإذعان بالقسوة بجامع عدم قبول التأثير في كل ، واستعير اسم المشبه به للمشبه واشتق من القساوة قست بمعنى لم تذعن فلم تقبل المواعظ ولم تؤثر فيها. قوله : (فَهِيَ كَالْحِجارَةِ) لم يشبههم بالحديد لوجود اللين فيه في الجملة. قوله : (أَوْ أَشَدُّ) هذ ترق في ذكر قسوتهم فأو بمعنى بل. قوله : (فيه إدغام التاء إلخ) أي فأصله يتشقق فأبدلت التاء شيئا ثم أدغمت فيها. قوله : (فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ) أي أنهارا أو غيرها كالعيون فهو من عطف العام على الخاص. قوله : (ينزل من علو إلى أسفل) أي كجبل الطور ، وورد ما من حجر يسقط من علو إلى أسفل إلا من خشية الله. قوله : (مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) أخذ أهل السنة من ذلك ومن قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) ومن قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ