تحسين وفي قراءة وما يخدعون (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) شك ونفاق فهو يمرض قلوبهم أي يضعفها (فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً) بما أنزله من القرآن لكفرهم به (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) مؤلم (بِما كانُوا يَكْذِبُونَ) (١٠) بالتشديد أي نبي الله وبالتخفيف أي في قولهم آمنا (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ) أي لهؤلاء (لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) بالكفر والتعويق عن الإيمان (قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ) (١١) وليس ما نحن فيه بفساد قال الله تعالى ردا عليهم (أَلا) للتنبيه (إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ) (١٢) بذلك
____________________________________
بذكر المجاز لأنه أبلغ من الحقيقة. قوله : (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) يطلق على الحسي وهو الحرقة ، وعلى المعنوي وهو الشك والنفاق ، ولا شك أن في قلوبهم المرضين والمعنوي سبب في الحسي ، فقوله : (شك ونفاق) إشارة للمرض المعنوي ، وقوله : (فهو يمرض قلوبهم) بيان لما يتسبب عنه ، وهو إشارة للحسي ، وهي في محل التعليل لما قبلها قوله : (بما أنزله من القرآن) أشار بذلك إلى أن نزول القرآن يزيد الكافر والمنافق مرضا بمعنى كفرا وشكا فينشأ عنه المرض الحسي ، كما يزيد المؤمن إيمانا فينشأ عنه البهجة والسرور ، قال تعالى : (وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً) الآيات. ويحتمل أن المراد بما أنزله أي في حقهم من فضيحتهم خصوصا بسورة التوبة فإنها تسمى الفاضحة. قوله : (مؤلم) يقرأ اسم مفعول أي العذاب يتألم من شدته فكأنه لشدته كأن الألم قائم به وهو أبلغ ، ويصح قراءته اسم فاعل ولا بلاغة فيه. قوله : (أي نبي الله) إشارة إلى المفعول ، وقوله : (أي في قولهم) إشارة إلى المتعلق على القراءة الثانية.
قوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ) شروع في ذكر قبائحهم وأحوالهم الشنيعة ، وفي الحقيقة هو تفصيل للمخادعة الحاصلة منهم ، وهذه الجملة يحتمل أنها استئنافية ، ويحتمل أنها معطوفة على يكذبون أو على صلة من وهي يقول التقدير من صفاتهم أنهم يقولون آمنا إلخ ، ومن صفاتهم أنهم (إِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) إلخ ، وأصل قيل قول استثقلت الكسرة على الواو فنقلت إلى ما قبلها بعد سلب حركتها ثم وقعت الواو ساكنة بعد كسرة قلبت ياء ، وفاعل القول قيل الله سبحانه وتعالى وقيل النبي والصحابة ومقول القول جملة (لا تفسدوا في الأرض) في محل نصب وهي نائب الفاعل باعتبار لفظها. قوله : (بالكفر) الباء سببية بيان لسبب الإفساد ، وقوله : (والتعويق عن الإيمان) معطوف عليه أي تعويق الغير عن الإيمان وصدهم عنه. قوله : (إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ) أي ليس شأننا الإفساد أبدا ، بل نحن محصورون للإصلاح ولا نخرج عنه إلى غيره فهو في حصر المبتدأ في الخبر ، وأكدوا ذلك بإنما المفيدة الحصر ، وبالجملة الإسمية المفيدة الدوام والإستمرار ، فرد عليهم سبحانه وتعالى بجملة مؤكدة بأربع تأكيدات إلا التي للتنبيه وإن وضمير الفصل وتعريف الخبر. قوله : (للتنبيه) وتأتي أيضا للإستفتاح وللعرض والتحضيض ، وفي الحقيقة الإستفتاح والتنبيه شيء واحد ، وتدخل إذا كانت لهما على الجملة الإسمية والفعلية ، وأما إذا كانت للعرض والتحضيض ، فإنها تختص بالأفعال وهي بسيطة على التحقيق لا مركبة من همزة الإستفهام ولا النافية. قوله : (وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ) (بذلك) أي ليس عندهم شعور بالإفساد لطمس بصيرتهم ، وعبر بالشعور دون العلم ، إشارة إلى أنهم لم يصلوا إلى رتبة البهائم تمتنع من المضار فلا تقربها لشعورها بخلاف هؤلاء.