القضاء بالحق بتلبيسهم عليك (وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ) زائدة (شَيْءٍ) لأن وبال إضلالهم عليهم (وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ) القرآن (وَالْحِكْمَةَ) ما فيه من الأحكام (وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ) من الأحكام والغيب (وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ) بذلك وغيره (عَظِيماً) (١١٣) (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ) أي الناس أي ما يتناجون فيه ويتحدثون (إِلَّا) نجوى (مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ) عمل بر (أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) المذكور (ابْتِغاءَ) طلب (مَرْضاتِ اللهِ) لا غيره من أمور الدنيا (فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ) بالنون والياء أي الله
____________________________________
والمأخوذ من لو لا أنه لم يقع لوجود فضل الله ورحمته ، وأجيب بأن المراد هم يحصل معه الإضلال ، فالمعنى انتفى إضلالك الذي هموا به لوجود فضل الله ورحمته. قوله : (بالعصمة) أي الحفظ من المعاصي والمخالفات صغيرها وكبيرها. قوله : (زائدة) أي في مفعول (يَضُرُّونَكَ) المطلق. قوله : (والغيب) أي علم الغيب وهو ما غاب عنا. قوله : (بذلك) أي بإنزال الكتاب والحكمة ، وتعليمه ما لم يكن يعلم ، وقوله : (وغيره) أي كالفضائل التي اختص بها مما لا يعلم كنهه إلا الله تعالى.
قوله : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ) لا نافية للجنس وخير اسمها ، وفي كثير متعلق بمحذوف خبرها ، وقوله : (مِنْ نَجْواهُمْ) بمحذوف حال من متعلق الخبر. قوله : (أي الناس) أشار بذلك إلى أن الآية عامة وليست مخصوصة بقوم طعمة المتقدم. قوله : (أي ما يتناجون فيه ويتحدثون) أشار بذلك إلى أن معنى النجوى المحادثة من بعض القوم لبعض اثنان ففوق ، قال تعالى : (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ) الآية ، والنجوى ضد السر ، وهو محادثة الإنسان نفسه ، وعطف قوله : (يتحدثون) على (يتناجون) للتفسير.
قوله : (إِلَّا مَنْ أَمَرَ) يحتمل أنه استثناء منقطع إن أبقينا الكلام على ظاهره ، لأن المستثنى الشخص ، والمستثنى منه الكلام ، ولا شك أنه غيره ، ويحتمل أنه متصل وهو على حذف مضاف ، وإليه يشير المفسر بقوله : (إِلَّا) (نجوى) الخ. قوله : (بِصَدَقَةٍ) أي واجبة أو مندوبة. قوله : (أَوْ مَعْرُوفٍ) المراد به كل طاعة لله ، فيدخل فيه جميع أعمال البر ، فهو من عطف العام على الخاص ، وقوله : (أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) معطوف على قوله : (أَوْ مَعْرُوفٍ) من عطف الخاص على العام اعتناءا بشأنه واهتماما به ، وإنما خصت الثلاثة لأن الأمر المرضي لله ، إما إيصال نفع وهو إما جسماني أو روحاني ، فالأول كالصدقات ، والثاني كالأمر بالمعروف ، أو دفع ضرر كالإصلاح بين الناس ، لأن المفاسد مترتبة على التشاحن ، وبالإصلاح يحصل الخير والبركة ودفع الشرور ، ولذا حثّ عليه صلىاللهعليهوسلم بقوله : «امش ميلا عد مريضا ، امش ميلين أصلح بين اثنين» وبالجملة فكثرة الكلام لا خير فيها ، قال بعضهم : من كثر لغطه كثر سقطه ، وفي الحديث : «وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم». قوله : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) اسم الإشارة عائد على الثلاثة ، وإنما أفرد لأن العطف بأو إن قلت مقتضى السياق ومن يأمر بذلك ، أجيب بأن هذا راجع للمأمور به ، فاسم الإشارة عائد على المأمور به تقديره ومن يفعل المأمور به من صدقة أو معروف أو إصلاح ، فاستفيد من الآية أولا وآخرا ثواب الأمر والفاعل ، وفي الحديث : «الدال على الخير كفاعله». وأجيب أيضا بأنه عبر عن الأمر بالفعل لأنه فعل لساني والأقرب الأول. قوله : (لا غيره من أمور الدنيا) أي لأن ثواب الأعمال الصالحة منوط بالإخلاص كان من الآمر والفاعل ، فلو