لَكُمْ) أي أباحة من الجماع أو قدره من الولد (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا) الليل كله (حَتَّى يَتَبَيَّنَ) يظهر (لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) أي الصادق بيان للخيط الأبيض وبيان الأسود محذوف أي من الليل شبه ما يبدو من البياض وما يمتد معه من الغبش بخيطين أبيض وأسود في الامتداد (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ) من الفجر (إِلَى اللَّيْلِ) أي إلى دخوله بغروب الشمس (وَلا تُبَاشِرُوهُنَ) أي نساءكم (وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ) مقيمون بنية الإعتكاف (فِي الْمَساجِدِ) متعلق بعاكفون نهي لمن كان يخرج وهو معتكف فيجامع امرأته ويعود (تِلْكَ) الأحكام المذكورة (حُدُودُ اللهِ) حدها لعباده ليقفوا عندها (فَلا تَقْرَبُوها) أبلغ من لا تعتدوها المعبر به في آية أخرى (كَذلِكَ) كما بين لكم ما ذكر (يُبَيِّنُ اللهُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (١٨٧) محارمه (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ) أي لا يأكل بعضكم مال بعض (بِالْباطِلِ) الحرام شرعا كالسرقة والغصب
____________________________________
الظرف الحل لا المباشرة ، فالمعنى حصل لكم التحليل الآن فحينئذ باشروهن فيما يستقبل. قوله : (جامعوهن) أي فالمراد مباشرة خاصة ، فأطلق الملزوم وهو المباشرة ، وأراد لازمه وهو الجماع. قوله : (أي أباحة من الجماع) أي في النساء الحلائل ، واشار بذلك إلى أن ينبغي أن يقصد بجماعه العفة بالحلال عن الحرام له ولها أو رجاء النسل لتكثير الأمة ، ففي الحديث «تناكحوا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة».
قوله : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا) نزلت في صرمة بن قيس وكان عاملا في أرض له وهو صائم ، فحين جاء المساء رجع لأهله فلم يجد طعاما فغلبته عيناه من التعب ، فلما حضر الطعام استيقظ فكره أن يأكل خوفا من الله فبات طاويا ، فما انتصف النهار حتى غشي عليه ، فما افاق أخبر النبي بذلك فنزلت الآية. قوله : (مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ) قيل قبل نزول قوله من الفجر ، وضع علي بن حاتم عقالا أبيض وعقالا أسود وجعل يأكل ويشرب حتى تبين كل منهما فلما أصبح أخبر النبي بذلك فقال له أنما ذلك سواد الليل وبياض النهار. قوله : (أي الصادق) احترز بذلك عن الكاذب وهو ما يظهر قبل الصادق كذنب السرحان ، ثم تعقبه ظلمة ثم يطلع الصادق وهو الضياء المنتشر. قوله : (وبيان الأسود محذوف) أي فلو بينه لقال من الفجر والليل ليكون لفا ونشرا مرتبا ، ولم يذكره لعدم تعلق حكم به ، فإن الصوم متعلق بظهور الأبيض. (من الغبش) أي ظلمة الليل. قوله : (أبيض وأسود) لف ونشر مرتب ، والتشبيه هنا إنما هو في الصورة والهيئة ، وليس هناك خيط أبيض ولا أسود ، كما توهمه بعض الصحابة. قوله : (في الإمتداد) هذا هو وجه الشبه. قوله : (بغروب الشمس) أشار بذلك إلى أن الغاية غير داخلة في المغيا ، وإنما صيام جزء من الليل من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
قوله : (وَلا تُبَاشِرُوهُنَ) أي مطلقا ليلا كان أو نهارا وليس كالصيام. قوله : (نهي) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذه الآية نهي. قوله : (الأحكام المذكورة) أي من أول آية الصيام هنا. واستشكل ذلك بأن الحد هو قوله تعالى : (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ) الآية. وأجيب بأن الله أمرنا بالصوم بقوله : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) والأمر بالشيء منهى عن ضده. قوله : (أبلغ من لا تعتدوها) أي لأن النهي عن المقاربة نهي عن المجاوزة وزيادة. قوله : (أي لا يأكل بعضكم مال بعض) أي لأن الله قدر لك رزقه ، فلا يتسع بالباطل