عن شيء من الصداق فوهبنه لكم (فَكُلُوهُ هَنِيئاً) طيبا (مَرِيئاً) (٤) محمودة العاقبة لا ضرر فيه عليكم في الآخرة نزلت ردا على من كره ذلك (وَلا تُؤْتُوا) أيها الأولياء (السُّفَهاءَ) المبذرين من الرجال والنساء والصبيان (أَمْوالَكُمُ) أي أموالهم التي في أيديكم (الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً) مصدر قام أي تقوم بمعاشكم وصلاح أودكم فيضعوها في غير وجهها وفي قراءة قيما جمع قيمة ما تقوم به الأمتعة (وَارْزُقُوهُمْ فِيها) أطعموهم منها (وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) (٥) عدوهم عدة جميلة بإعطائهم أموالهم إذا رشدوا (وَابْتَلُوا) اختبروا (الْيَتامى) قبل البلوغ في دينهم وتصرفهم في أحوالهم (حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ) أي صاروا أهلا له بالاحتلام أو السن وهو
____________________________________
(فوهبنه لكم) أي اختيارا لا قهرا ، وإلا فلا يحل أخذه ، ويشترط أيضا أن تكون المرأة رشيدة بالغة ، وإلا فلا يحل أخذه.
قوله : (فَكُلُوهُ) أي انتفعوا به ، فأطلق الأكل وأراد مطلق الانتفاع. قوله : (مَرِيئاً) أي ممروءا لا غصة فيه ولا عقبة من قولهم جرى الطعام في المريء ، أي العرق الأحمر الكائن تحت الحلقوم المسمى بالبلعوم ، وهنيئا مريئا حالان من مفعول كلوه ، والمعنى كلوه حال كونه هنيئا حلالا مريئا سائغا لا نكد فيه. قوله : (في الآخرة) أي ولا في الدنيا ، فليس لورثتها طلبه. قوله : (على من كره ذلك) أي استنكافا عنه وجعله كالرجوع في الهبة.
قوله : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ) هذا رجوع لتتميم أحكام اليتامى ، وأصل تؤتوا تؤتيوا ، استثقلت الضمة على الياء فحذفت ، فالتقى ساكنان الياء والواو ، حذفت الياء لالتقائهما. قوله : (والصبيان) معطوف على المبذرين. قوله : (أي أموالهم) أي وإنما نسبها للأولياء لأنهم هم المتصرفون فيها ، فالإضافة ليست لذلك وإنما هي لأدنى ملابسة. قوله : (الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً) جعل بمعنى صير ، ولفظ الجلالة فاعلة ، وقياما مفعول ثان ، والمفعول الأول محذوف تقديره جعلها ، والضمير عائد على الأموال ، ويحتمل أن جعل بمعنى خلق فقياما حال ، والمعنى لا تعطوا المبذرين والصبيان أموالهم التي جعل الله مقومة لمعاشهم وصلاحهم. قوله : (أودكم) الأود بفتحتين وبفتح فسكون معناه العوج. قوله : (وفي قراءة قيما) أي وهي سبعية أيضا ، وقرىء شذوذا قواما بفتح القاف وكسرها وقوما كعنبا ، وعموم الآية يشمل من أعطى مال اليتيم لسفيه مبذر يتجر له فيه وهو مشهور بالسفه والتبذير ، فإن الولي منهي عن ذلك ويضمنه لفهمه بالأولى.
قوله : (وَارْزُقُوهُمْ فِيها) حكمة التعبير بفي ، أنه ينبغي للولي أن يعطي مال اليتيم لرجل أمين يتجر فيه ، ويكون مصرفه من الربح لا من أصل المال. وفي الحديث : «اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة» فالتجارة في أموال اليتامى مطلوبة عند جميع الأئمة. قوله : (عدوهم عدة جميلة) أي كأن يقول له مالك عندي وأنا أمين عليه ، فإذا بلغت ورشدت أعطيتك مالك ، وهكذا تطييبا لخاطرهم وجدهم في أسباب الرشد.
قوله : (وَابْتَلُوا الْيَتامى) أي لا تتركوهم هملا ، بل علموهم الصنائع وأمور الدنيا والدين ، ولا تفرطوا في ذلك حتى تبلغوا. قوله : (بالاحتلام) أي نزول المني. قوله : (حتى إذا بلغوا) حتى ابتدائية ،