يتخذوه ربا ، أو لما طلب بعض المسلمين السجود له صلىاللهعليهوسلم (ما كانَ) ينبغي (لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ) أي الفهم للشريعة (وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ) يقول (كُونُوا رَبَّانِيِّينَ) علماء عاملين منسوب إلى الرب بزيادة ألف ونون تفخيما (بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ) بالتخفيف والتشديد (الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ) (٧٩) أي سبب ذلك فإن فائدته أن تعملوا (وَلا يَأْمُرَكُمْ) بالرفع استئنافا أي الله ، والنصب عطفا على يقول أي البشر (أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً) كما اتخذت الصابئة الملائكة واليهود عزيزا والنصارى عيسى (أَيَأْمُرُكُمْ
____________________________________
نجران) أي حين قدموا على النبي صلىاللهعليهوسلم ، فالمراد بالبشر على هذا هو عيسى وبالكتاب الإنجيل ، قوله : (أو لما طلب بعض المسلمين الخ) أو لتنويع الخلاف ، فالمراد بالبشر على ذلك هو محمد صلىاللهعليهوسلم ، وبالكتاب القرآن ، وآخر الآية يؤيد هذا السبب.
قوله : (ما كانَ) الخ هذه الصيغة يؤتى بها للنفي العام الذي لا يجوز عقلا ثبوته وهو المراد هنا ، وكذلك قوله تعالى : (ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها) أي لا يمكن ولا يتصور عقلا صدور دعوى الأولوهية من نبي قط ويؤتى بها للنفي الخاص ، كقول أبي بكر ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم في الصلاة بين يدي رسول الله ، أي ما ينبغي له ذلك ، فقول المفسر ينبغي أي يمكن وقد فسره المحلي في سورة يس في قوله تعالى : (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ) بذلك. قوله : (ثُمَّ يَقُولَ) معطوف على يؤتى ، ولهذا العطف لازم يتوقف صحة المعنى عليه لأن مصب النفي المعطوف والمعطوف عليه. قوله : (لِلنَّاسِ) أي أمة محمد على الثاني ، ونصارى نجران على الأول. قوله : (مِنْ دُونِ اللهِ) أي من غير أن يقصرهم على الله بأن يشرك نفسه مع الله في العبادة أو يفرد نفسه بالعبادة ، وهذه الجملة حال من الواو في (كُونُوا) أي حال كونكم متجاوزين الله إشراكا أو إفرادا. قوله : (وَلكِنْ) استدارك على ما تقدم. قوله : (زيادة ألف ونون) أي كرقباني وشعراني ولحياني ، وقوله : (تفخيما) أي للمبالغة. قوله : (وَبِما كُنْتُمْ) الباء سببية.
قوله : (بالتخفيف والتشديد) أي فهما قراءتان سبعيتان ، فالعلم سبب للعمل ، فقبيح على العالم تركه العمل ، وأقبح منه أن يرشد الناس يهديهم مع كونه هو غير مهتد في نفسه ، قال بعضهم :
وعالم بعلمه لن يعلمن |
|
معذب من قبل عباد الوثن |
فمثل العالم الذي يعلم الناس وهو غير عامل ، كشمعة موقودة تضيء للناس وتحرق نفسها ، وفي هذا المعنى قال بعضهم :
أتنهى الأناس ولا تنتهي |
|
متى تلحق القوم يا لكع |
ويا حجر السن ما تستحي |
|
تسن الحديد ولا تقطع |
قوله : (أي الله) أشار بذلك إلى أن فاعل يأمر ضمير مستتر عائد على الله. قوله : (عطفا على يقول) أي لأنه في حيز النفي ، وتكون لا زائدة لتأكيد النفي ، والمعنى لا يمكن لبشر أن يأمر بعبادة الناس له ، ولا بعبادة الملائكة والنبيين ، وقوله : (أي البشر) أي ففاعلة ضمير يعود على البشر ، ولا يصح كون الفاعل ضميرا يعود على الله. قوله : (أَرْباباً) أي بل نحبهم ونعتقد أنهم عبيد مكرمون ، لا يعصون الله ما أمرهم ، ويفعلون ما يؤمرون ، لا يضرون ولا ينفعون ، فنتوسل بهم إلى الله ، لذلك لا لكونهم أربابا.