(وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ) بالمسخ (وَ) من (عَبَدَ الطَّاغُوتَ) بطاعته الشيطان وراعى في منهم معنى من وفيما قبله لفظها وهم اليهود وفي قراءة بضم باء عبد وإضافته إلى ما بعده اسم جمع لعبد ونصبه بالعطف على القردة (أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً) تمييز لأن مأواهم النار (وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ) (٦٠) طريق الحق وأصل السواء الوسط وذكر شر وأضل في مقابلة قولهم لا نعلم دينا شرا من دينكم (وَإِذا جاؤُكُمْ) أي منافقو اليهود (قالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا) إليكم متلبسين (بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا) من عندكم متلبسين (بِهِ) ولم يؤمنوا (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ) (٦١) ه من النفاق (وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ) أي اليهود (يُسارِعُونَ) يقعون سريعا (فِي الْإِثْمِ) الكذب (وَالْعُدْوانِ) الظلم (وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ) الحرام كالرشا (لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٦٢) عملهم هذا (لَوْ لا) هلا (يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ) منهم (عَنْ قَوْلِهِمُ
____________________________________
قوله : (وَغَضِبَ عَلَيْهِ) أي انتقم منه على سبيل الأبد. قوله : (بالمسخ) أي فجعل شبابهم قردة ومشايخهم خنازير. قوله : (الشيطان) تقدم أنه أحد تفاسير في الطاغوت ، وقيل هو كل ما أوقع في الضلال ، وعابده هو التابع له في الضلال. قوله : (وفيما قبله) أي وهو لعنه وغضب عليه ، وكذلك راعى لفظها في (وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ). قوله : (وفي قراءة) أي سبعية لحمزة ، وقوله : (اسم جمع لعبد) أي لا جمع له بل جمعه أعبد ، قال ابن مالك : لفعل اسما صح عينا أفعل. قوله : (ونصبه بالعطف على القردة) أي فتكون الصلات ثلاثا وهي : لعنه ، وغضب عليه ، وجعل الرابعة على القراءة الأولى عبد. قوله : (تمييز) أي تمييز نسبة ، ونسب الشر للمكان ، وحقه لأهله كناية عن نهايتهم في ذلك. قوله : (وذكر شر) أي المجرور في قوله بشر ، والمرفوع في قوله أولئك شر ، وقوله : (في مقابلة قولهم الخ) جواب عن سؤال مقدر ، تقديره كيف ذلك مع أن المؤمنين لا شر عندهم ، فأجاب بما ذكر ، وأجيب أيضا بأن شر المؤمنين باعتبار تعبهم في الدنيا ، فعذاب الآخرة للكفار ، أشر من ضيق الدنيا على المؤمنين ، وأجيب أيضا : بأن المفضل عليه جماعة من الكفار ، فيكون المعنى : هؤلاء المتصفون بتلك الأوصاف ، شر من غيرهم من الكفرة الذين لم يجمعوا بين هذه الخصال.
قوله : (وَإِذا جاؤُكُمْ) الخطاب للنبي ، فجمعه للتعظيم أوله ، ومن عنده من المؤمنين ، فالجمع ظاهر. قوله : (وَقَدْ دَخَلُوا) الجملة حالية من فاعل (قالُوا) ، وكذا. قوله : (وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ). قوله : (متلبسين) قدره إشارة إلى أن قوله : (بِالْكُفْرِ) متعلق بمحذوف حال من فاعل دخلوا ، وكذا قوله به حال من فاعل خرجوا.
قوله : (وَتَرى كَثِيراً) رأى بصرية تنصب مفعولا واحدا وهو قوله كثيرا ، وقوله : (يُسارِعُونَ) حال من قوله كثيرا. قوله : (كالرشا) بضم الراء وكسرها من الرشوة بضم وكسر ، فالمضموم للمضموم ، والمكسور للمكسور ، وأدخلت الكاف الربا. قوله : (عملهم هذا) قدره إشارة للمخصوص بالذم. قوله : (هلا) أشار بذلك إلى أن لو لا للتحضيض والتوبيخ لعلمائهم ، حيث لم ينهوهم عما ارتكبوه من المخالفات. قوله : (لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ) عبر في جانب العوام بيعملون ، وفي جانب العلماء بيصنعون ، لأن