حجر فيه (حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ) بالأكل منها وهي الحنطة أو الكرم أو غيرهما (فَتَكُونا) فتصيرا (مِنَ الظَّالِمِينَ) (٣٥) العاصين (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ) إبليس أذهبهما وفي قراءة فأزالهما نحاهما (عَنْها) أي الجنة بأن قال لهما هل أدلكما على شجرة الخلد وقاسمهما بالله إنه لهما لمن الناصحين فأكلا منها (فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ) من النعيم (وَقُلْنَا اهْبِطُوا) إلى الأرض أي أنتما بما اشتملتما عليه من ذريتكما (بَعْضُكُمْ) بعض الذرية (لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) من ظلم بعضهم بعضا (وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ) موضع قرار (وَمَتاعٌ) ما تتمتعون به من نباتها (إِلى حِينٍ) (٣٦) وقت
____________________________________
دليل على اختلاف القصة ولم يوجد فالقصة واحدة ، والأمر في الموضعين ايحتمل أن يكون داخل الجنة أو خارجها ، فعلى الأول معنى اسكن دم على السكنى ، والفاء في آية الأعراف بمعنى الواو ، وعلى الثاني معناه ادخل على سبيل السكنى ، فتكون الواو بمعنى الفاء.
قوله : (رَغَداً) يقال رغد بالضم رغادة من باب ظرف ، ورغد رغدا من باب تعب اتسع عيشه. قوله : (حَيْثُ شِئْتُما) أي في أي مكان أردتماه. قوله : (أو غيرهما) قيل شجر التين أو البلح أو الأرتج ، والأقرب أنها الحنطة ، وفي الحقيقة لا يعلمها إلا الله. قوله : (فَتَكُونا) مسبب عن قوله ولا تقربا وتعبيره بعدم القرب منها كناية عن عدم الأكل ، كقوله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى) فالنهي عن القرب يستلزم النهي عن الفعل بالأولى. قوله : (العاصين) أي الذين تعدوا حدود الله. قوله : (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ) أتى بالفاء إشارة إلى أن ذلك عقب السكنى ، والشيطان مأخوذ من شاط بمعنى احترق لأنه محروق بالنار ، أو من شطن بمعنى بعد لأنه بعيد عن رحمة الله ، والزلل الزلق وهو العثرة في الطين مثلا فأطلق وأريد لازمه وهو الإذهاب. قوله : (وفي قراءة) أي سبعية لحمزة. قوله : (أي الجنة) ويحتمل أن الضمير عائد على الشجرة ، وعن بمعنى الباء أي أوقعهما في الزلة بسبب أكل الشجرة. قوله : (بأن قال لهما) أي وهو خارج الجنة وهما داخلها لكن أتوا على بابها فقال لهما ذلك ، ويحتمل أنه دخل الجنة على صورة دابة من دوابها وخزنتها غفلوا عنه ، ويحتمل أنه دخلها في فم الحية ، ويحتمل أنه وسوس في الأرض فوصلت وسوسته لهما ، إن قلت إن ذلك ظاهر في حواء لعدم عصمتها وما الحكم في آدم ، أجيب بأنه اجتهد فأخطأ فسمى الله خطأه معصية ، فلم يقع منه صغيرة ولا كبيرة ، وإنما هو من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين فلم يتعمد المخالفة ، ومن نسب التعمد والعصيان له بمعنى فعل الكبيرة أو الصغيرة فقد كفر ، كما أن من نفى اسم العصيان عنه فقد كفر أيضا لنص الآية.
قوله : (مِمَّا كانا فِيهِ) يحتمل أن ما اسم موصول ، وما بعده صلته ، أو نكرة موصوفة ، وما بعدها صفة ، وقوله من النعيم بيان لما. قوله : (أي أنتما الخ) أشار بذلك إلى حكمة الإتيان بالواو في اهبطوا أي الجمع باعتبار ما اشتملا عليه من الذرية ، ويحتمل أن الأمر لآدم وحواء وإبليس والحية ، فهبط آدم بالهند بمكان يقال له سرنديب ، وحواء بجدة ، وإبليس بالأبلة ، والحية بأصبهان. قوله : (بعض الذرية) أشار بذلك إلى أن العداوة في الذرية لا في الأصول ، ويحتمل أن يكون ذلك في بعض الأصول كالحية وإبليس ، وأفرد عدوا إما مراعاة للفظ بعض أو لأنه يستعمل بلفظ واح د للمثنى والجمع. بقي شيء آخر وهو أنه تقدم لنا أن حواء خلقت داخل الجنة حين القى على آدم النوم ، كيف ذلك مع أن الجنة لا نوم فيها ، ولا