اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) (١٧٨) (وَلَقَدْ ذَرَأْنا) خلقنا (لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها) الحق (وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها) دلائل قدرة الله بصر اعتبار (وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها) الآيات والمواعظ سماع تدبر واتعاظ (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ) في عدم الفقه والبصر والاستماع (بَلْ هُمْ أَضَلُ) من الأنعام لأنها تطلب منافعها وتهرب من مضارها وهؤلاء يقدمون على النار معاندة (أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) (١٧٩) (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) التسعة والتسعون الوارد بها الحديث والحسنى مؤنث الأحسن (فَادْعُوهُ) سموه (بِها وَذَرُوا) اتركوا (الَّذِينَ يُلْحِدُونَ) من ألحد ولحد يميلون عن الحق (فِي أَسْمائِهِ) حيث اشتقوا منها أسماء لآلهتهم
____________________________________
قوله : (مَنْ يَهْدِ اللهُ) هذا رجوع للحقيقة وتسلية له صلىاللهعليهوسلم. قوله : (فَهُوَ الْمُهْتَدِي) بإثبات الياء وصلا ووقفا باتفاق القراء هنا. قوله : (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً) أي بحكم القبضة الإلهية حين قبض قبضة ، وقال : هذه للجنة ولا أبالي ، وقبض قبضة وقال : هذه للنار ولا أبالي ، وقوله : (كَثِيراً) يؤخذ منه أن أهل النار أكثر من أهل الجنة ، وهو كذلك ، لما تقدم من أن من كل ألف واحدا للجنة ، والباقي للنار. قوله : (الحق) قدره هو ، ونظيره في : (يُبْصِرُونَ) و (يَسْمَعُونَ) إشارة إلى أن مفعول كل محذوف. قوله : (بَلْ هُمْ أَضَلُ) إضراب انتقالي ، ونكتة الاضراب أن الأنعام لا تدري العواقب ، والعقلاء تعرفها ، فقدومهم على المضار مع علمهم بعواقبها ، أضل من قدوم الأنعام على مضارها. قوله : (أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) أي قلبا وسمعا وبصرا ، وهذه علامة أهل النار المخلدين فيها.
قوله : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) ذكرت في أربعة مواضع من القرآن : هنا ، وفي آخر الإسراء ، وفي أول طه ، وفي آخر الحشر. قوله : (الوارد بها الحديث) أي وقد ورد بطرق مختلفة منها قوله صلىاللهعليهوسلم : «إن لله تسعة وتسعين اسما ، مائة غير واحد ، إنه وتر يحب الوتر وما من عبد يدعو بها إلا وجبت له الجنة» ، ومنها : «إن لله تسعة وتسعين اسما ، من أحصاها دخل الجنة» ، ومنها : «إن لله عزوجل تسعة وتسعين اسما ، مائة غير واحد ، إن الله وتر يحب الوتر ، من حفظها دخل الجنة» ، ومنها : «إن لله مائة اسم غير اسم ، من دعا بها استجاب الله له» وكلها مذكورة في الجامع الصغير عن علي وعن أبي هريرة. والأسماء جمع اسم ، وهو اللفظ الدال على المسمى ، إما على الذات فقط ، أو على الذات والصفات ، والأخبار بأنها تسع وتسعون ليس حصرا ، وإنما ذلك إخبار عن دخول الجنة بإحصائها أو استجابة الدعاء بها ، وإلا فأسماء الله كثيرة ، قال بعضهم : إن لله ألف اسم ، وقال بعضهم : إن أسماءه على عدد أنبيائه ، فكل نبي يستمد من اسم ، ونبينا يستمد من الجميع. قوله : (والحسنى مؤنث الأحسن) أي ككبرى وصغرى ، مؤنث الأكبر والأصغر ، وإنما كانت حسنى ، لأن الدال يشرف بشرف مدلوله. قوله : (سموه) (بِها) أي وقت دعائكم وندائكم وأذكاركم.
قوله : (وَذَرُوا) أمر للمكلفين. قوله : (من ألحد ولحد) أي رباعيا وثلاثيا ، وهما قراءتان سبعيتان. قوله : (يميلون عن الحق) تفسير لكل من القراءتين ، ومنه لحد الميت لأنه يمال بحفره إلى جنب القبر ، بخلاف الضريح ، فإنه الحفر في الوسط. قوله : (حيث اشتقوا) أي اقتطعوا ، وهذا الإلحاد كفر ، ويطلق الإلحاد على التسمية بما لم يرد ، وهو بهذا المعنى حرام ، لأن أسماءه توقيفية ، فيجوز أن يقال يا جواد ، ولا