تلين ولا تخشع (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (٧٤) وإنما يؤخركم لوقتكم وفي قراءة بالتحتانية وفيه التفات عن الخطاب (أَفَتَطْمَعُونَ) أيها المؤمنون (أَنْ يُؤْمِنُوا) أي اليهود (لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ) طائفة (مِنْهُمْ) أحبارهم (يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ) في التوراة (ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ) يغيرونه (مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ) فهموه (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (٧٥) أنهم مفترون والهمزة للإنكار أي لا تطمعوا فلهم سابقة في الكفر (وَإِذا لَقُوا) أي منافقو اليهود (الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا) بأن محمدا نبي وهو المبشر به في كتابنا (وَإِذا خَلا) رجع (بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُوا) أي رؤساؤهم الذين لم ينافقوا لمن نافق (أَتُحَدِّثُونَهُمْ) أي المؤمنين (بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ) أي عرفكم في التوراة من
____________________________________
(مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الآية ، أن كل شيء يعرف الله ويسبحه ويخشاه إلا الكافر من الإنس والجن. قوله : (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ) ما نافية ولفظ الجلالة اسمها وبغافل خبرها ، وقوله عما تعملون يحتمل أن ما اسم موصول وتعملون صلته والعائد محذوف أي عن الذي تعملونه ، ويحتمل أنها مصدرية تسبك مع ما بعدها بمصدر أي عن عملكم.
قوله : (أَفَتَطْمَعُونَ) سيأتي للمفسر أن الهمزة للإنكار ، فيحتمل أنها مقدمة من تأخير والأصل فاتطمعون قدمت لأن لها الصدارة وهو مذهب الجمهور ، وقال الزمخشري إن الهمزة داخلة على محذوف والفاء عاطفة على ذلك المحذوف ، التقدير اتسمعون كلامهم وتعرفون احوالهم فتطمعون إلخ أي لا يكون منكم ذلك ، واعلم أن الهمزة لا تدخل إلا على ثلاثة من حروف العطف الواو والفاء وثم. قوله : (أَنْ يُؤْمِنُوا) أي يستبعد ذلك منهم لافتراقهم أربع فرق في كل فرقة صفة مانعة له من الإيمان ، الأول كونهم يحرفون كلام الله ، الثاني النفاق ، الثالث التوبيخ من غير المنافق المنافق على ملاطفة المسلمين ، الرابع كونهم أميين لا يعلمون الكتاب إلا أماني ، فهذه يستبعد معها الإيمان لرسوخ الكفر في قلوبهم.
قوله : (وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ) الجملة حالية وقد قربت الماضي من حال ، والمراد من كان النسبة لأن هذا الكلام فيمن كان موجودا زمن النبي لا فيمن كان قبلهم. قوله : (أحبارهم) علماؤهم جمع حبر بالكسر ويقال بالفتح وجمعه حبور كفلس وفلوس. قوله : (مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ) أي من بعد تعقلهم إياه وتحريفهم في الكلام كأوصاف النبي من كونه اكحل العينين جعد الشعر ، فغيروه إلى أزرق العينين سبط الشعر ، وآية الرجم غيروها إلى الجلد وغير ذلك. قوله : (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) الجملة حالية من فاعل يحرفون. قوله : (أنهم مفترون) أشار بذلك إلى أن مفعول يعلمون محذوف ، والإفتراء هو الكذب الذي لا شك فيه. قوله : (للإنكار) أي الإستبعادي. قوله : (أي لا تطمعوا) عبر بالطمع دون الرجاء ، إشارة إلى فقد أسباب الإيمان منهم وعدم قابليتهم له. قوله : (فلهم سابقة في الكفر) أي كفر سابق قبل دعوة النبي صلىاللهعليهوسلم اياهم للإيمان ، وهذا الجملة علة لقوله لا تطمعوا.
قوله : (وَإِذا لَقُوا) شروع في ذكر الفرقة الثانية وهم المنافقون ورئيسهم عبد الله بن سلول. قوله : (وَإِذا خَلا) شروع في الفرقة الثالثة وهم الموبخون للمنافقين. قوله : (بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ) ما اسم موصول وجملة فتح صلته والعائد محذوف ، التقدير بالذي فتح الله عليكم به وما واقعة على أوصاف محمد صلىاللهعليهوسلم. قوله : (من نعت محمد) بيان لما. قوله : (واللام للصيرورة) أي عاقبة أمرهم أنهم يحاجونكم