بَعْدِ) موت (مُوسى) أي إلى قصتهم وخبرهم (إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ) هو شمويل (ابْعَثْ) أقم (لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ) معه (فِي سَبِيلِ اللهِ) تنتظم به كلمتنا ونرجع إليه (قالَ) النبي لهم (هَلْ عَسَيْتُمْ) بالفتح والكسر (إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا) خبر عسى والاستفهام لتقرير التوقع بها (قالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا) بسببهم وقتلهم وقد فعل بهم ذلك قوم جالوت أي لا مانع لنا منه مع وجود مقتضيه قال تعالى (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا) عنه وجبنوا (إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ) وهم الذين عبروا النهر مع طالوت كما سيأتي (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) (٢٤٦) فمجازيهم وسأل النبي ربه إرسال ملك فأجابه إلى إرسال طالوت (وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنَّى) كيف (يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ) لأنه ليس من سبط المملكة ولا النبوة وكان دباغا أو راعيا (وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ) يستعين بها على إقامة الملك (قالَ) النبي لهم (إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ) اختاره لذلك (عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً) سعة (فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ) وكان أعلم بني إسرائيل يومئذ وأجملهم خلقا (وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ
____________________________________
طلبوا منه ملكا يقيم أمرهم ويرشدهم لما فيه صلاحهم فأقام لهم طالوت إلى آخر ما قص الله.
قوله : (مِنْ بَعْدِ مُوسى) من ابتدائية. قوله : (إلى قصتهم وخبرهم) بيان للمراد من الآية لأنه لا معنى لرؤية ذواتهم. قوله : (نُقاتِلْ) مجزوم في جواب الأمر. قوله : (والاستفهام لتقرير التوقع) والمعنى أترقب منكم عدم القيام بالقتال ، وقوله : (خبر عسى) أي واسمها التاء ، وقوله : (إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ) جملة معترضة بين اسمها وخبرها ، وجواب الشرط محذوف تقديره فلا تقاتلوا. قوله : (قالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ) ما استفهامية بمعنى شيء مبتدأ ، ولنا متعلق بمحذوف خبر ، وأن مقدر قبلها الجار ، ولا بمعنى عدم ، ويكون المعنى أي شيء ثبت لنا في عدم القتال. قوله : (وَقَدْ أُخْرِجْنا) جملة حالية والمعنى أخرج أصولنا وأبناؤهم. قوله : (فعل بهم ذلك قوم جالوت) أي حين مات آخر نبي لهم وهو اليسع ، وضربوا عليهم الجزية وأسروا من أبناء ملوكهم أربعمائة وشيئا فضلا عن غيرهم. قوله : (أي لا مانع لنا منه) تفسير للمعنى المراد من الآية.
قوله : (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ) مرتب على محذوف تقديره فدعا شمويل ربه بذلك فبعث لهم مكلا وكتب عليهم القتال فلما كتب عليهم الخ. قوله : (وجبنوا) عطف تفسير وهو ترك القتال خوف الموت وسيأتي بيان جبنهم. قوله : (إِلَّا قَلِيلاً) منصوبا على الاستثناء من الواو في تولوا وهو استثناء متصل ، وكان عدتهم ثلثمائة وثلاثة عشر. قوله : (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) أي منهم وهذا وعيد عظيم لمن جبن عن القتال. قوله : (كيف) تفسير لأنى والعامل فيها يكون. قوله : (لأنه ليس من سبط المملكة) أي لكونه لم يكن من ذرية يهوذا بن يعقوب ، وقوله : (ولا النبوة) أي لكونه لم يكن من ذرية لاوى بل هو من ذرية بنيامين أصغر أولاد يعقوب ، وكانت ذريته لا نبوة فيهم ولا مملكة ، بل أقيموا في الحرف الدنيئة من أجل معاصيهم. قوله : (سَعَةً) أصله وسع حذفت فاء الكلمة وهي الواو وعوض عنها تاء التأنيث كما في عدة وزنة ، وحذف في مضارعه لوقوعها بين عدوتيها لأن أصله يوسع. قوله : (وكان أعلم بني إسرائيل) أي فكان يحفظ التوراة ، وقوله : (وأتمهم خلقا) أي فكان يزيد على أهل زمانه بكتفيه ورأسه. قيل ورد أنه