مكان يعذبون فيه وهو جهنم (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (١٨٨) مؤلم فيها ومفعولا يحسب الأولى دل عليهما مفعولا الثانية على قراءة التحتانية وعلى الفوقانية حذف الثاني فقط (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) خزائن المطر والرزق والنبات وغيرها (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١٨٩) ومنه تعذيب الكافرين وإنجاء المؤمنين (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وما فيهما من العجائب (وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) بالمجيء والذهاب والزيادة والنقصان (لَآياتٍ) دلالات على قدرته تعالى (لِأُولِي الْأَلْبابِ) (١٩٠) لذوي العقول (الَّذِينَ) نعت لما قبله أو بدل (يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ) مضطجعين أي في كل حال وعن ابن عباس يصلون كذلك حسب الطاقة (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ليستدلوا به على قدرة صانعهما يقولون (رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا) الخلق
____________________________________
أنفسهم ناجين من عذاب الله ، وسيأتي يشير لذلك المفسر. قوله : (بالوجهين) أي الياء والتاء ، لكن على قراءة الياء والتاء مفتوحة ، وهذه الآية تجر بذيلها على من يكون خبيث الباطن ويجب زينة الظاهر ، كأن يظهر العلم والصلاح والتقوى مع كونه في الباطن ضالا مضلا.
قوله : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي التصرف فيما في السماوات وما في الأرض ، لأن ذات السماوات والأرض لا نزاع في أنهما مملوكان لله. قوله : (ومنه) أي من الشيء المقدور عليه.
قوله : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) سبب نزولها أن كفار مكة قالوا النبي صلىاللهعليهوسلم ائتنا بآية تدل على أن الله واحد ، فقال تعالى ردا عليهم : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الآيات ، وإن حرف توكيد ونصب ، وفي خلق جار ومجرور خبرها مقدم ، وخلق مضاف ، والسماوات مضاف إليه ، وقوله : (لَآياتٍ) اسمها مؤخر. قوله : (وما فيهما من العجائب) أشار بذلك إلى أن خلق باق على مصدريته بمعنى الإيجاد ، ويحتمل أن يكون بمعنى اسم المفعول ، أي مخلوقات السموات والأرض وقوله : (من العجائب) أي كالنجوم والشمس والقمر والسحاب بالنسبة للسماوات ، والبحار والجبال والنباتات والحيوانات بالنسبة للأرض. قال تعالى : (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) وبالجملة ففي كل شيء له آية ، تدل على أنه الواحد. قوله : (بالمجيء والذهاب) أي بمجيء الليل عقب النهار ، والنهار عقب الليل ، فليس أحد يقدر على إتيان الليل في النهار ولا العكس. قوله : (والزيادة والنقصان) أي زيادة أحدهما بقدر ما نقص من الآخر. قوله : (دلالات) أي براهين قطعية دالة على كونه متصفا بالكمالات ، منزها عن النقائض. قوله : (ذوي العقول) أي أصحاب العقول الكاملة. قوله : (نعت لما قبله) أي وهو أولى فهو في محل جر. قوله : (مضطجعين) أشار بذلك إلى أن قوله : (وَعَلى جُنُوبِهِمْ) متعلق بمحذوف حال ، فهو حال مؤولة بعد حال صريحة. قوله : (أي في كل حال) تفسير لقوله : (قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ). قوله : (يصلون كذلك) أي قياما إن قدروا ، فإن لم يقدروا فقعودا ، فإن لم يقدروا فعلى جنوبهم. قوله : (ليستدلوا به على قدرة صانعهما) أي واتصافه بالكمالات ، فالتفكر مورث للعلم والمعرفة ، قال العارف أبو الحسن الشاذلي : ذرة من عمل القلوب خير من مثاقيل الجبال من عمل الأبدان. قوله : (يقولون) قدره إشارة إلى أنه حال من الواو في (يَتَفَكَّرُونَ) ، والمعنى (يَتَفَكَّرُونَ) قائلين (رَبَّنا) إلخ وهو إشارة لثمرة الفكر ،