نتركهم في النار (كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا) بتركهم العمل له (وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ) (٥١) أي وكما جحدوا (وَلَقَدْ جِئْناهُمْ) أي أهل مكة (بِكِتابٍ) قرآن (فَصَّلْناهُ) بيناه بالأخبار والوعد والوعيد (عَلى عِلْمٍ) حال أي عالمين بما فصل فيه (هُدىً) حال من الهاء (وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٥٢) به (هَلْ يَنْظُرُونَ) ما ينظرون (إِلَّا تَأْوِيلَهُ) عاقبة ما فيه (يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ) هو يوم القيامة (يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ) تركوا الإيمان به (قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ) هل (نُرَدُّ) إلى الدنيا (فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) نوحد الله ونترك الشرك فيقال لهم لا قال تعالى (قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) أي صاروا إلى الهلاك (وَضَلَ) ذهب (عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) (٥٣) من دعوى الشريك (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) من
____________________________________
ننساهم. قوله : (نتركهم في النار) أشار بذلك إلى أن النسيان مستعمل في لازمه وهو الترك ، لأن حقيقته مستحيلة على الله ، فالمعنى نعاملهم معاملة الناسي من عدم الاعتناء بهم وتركهم في النار.
قوله : (كَما نَسُوا) الكاف تعليلية ، وما مصدرية ، أي لأجل نسيانهم. قوله : (بتركهم العمل له) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف تقديره كما نسوا العمل للقاء يومهم هذا. قوله : (أي وكما جحدوا) أشار بذلك إلى أن ما معطوف على الأولى مسلط عليه كاف التعليل ، والمعنى نتركهم في النار لتركهم العمل ولجحدهم آياتنا. قوله : (فَصَّلْناهُ) القراءة السبعية بالصاد ، وقرىء شذوذا بالضاد المعجمة ، أي فضلناه على غيره من الكتب السماوية : (قوله بالأخبار والوعد) أي وكذا بقية الأنواع التسعة التي جمعها بعضهم في قوله :
حلال حرام محكم متشابه |
|
بشير نذير قصة عظة مثل |
قوله : (حال) أي من الفاعل ، ويصح كونه حالا من المفعول ، والمعنى فصلناه حال كونه مشتملا على علم. قوله : (حال من الهاء) أي أو من كتاب ، وجاز ذلك لتخصيصه بالوصف. قوله : ((هَلْ يَنْظُرُونَ) أي أهل مكة. قوله : (عاقبة ما فيه) أي فهذا هو المراد بتأويله بمعنى ما يؤول إليه وعيد القرآن لهم. قوله : (الَّذِينَ نَسُوهُ) أي التأويل. قوله : (قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِ) أي تبين صدقهم فيما جاؤوا به واعترفوا بذلك لمعاينة العذاب. قوله : (فَيَشْفَعُوا) منصوب بأن مضمرة في جواب الاستفهام ، فهو عطف اسم مؤول على اسم صريح. قوله : (أَوْ) (هل) (نُرَدُّ) أشار بذلك أن جملة (نُرَدُّ) معطوفة على التي قبلها ، والاستفهام مسلط عليها. قوله : (فَنَعْمَلَ) منصوب بأن مضمرة ، جواب الاستفهام الثاني ، والمعنى نطلب أحد أمرين : إما الشفاعة لنا فيما سبق منا ، أو نرجع إلى الدنيا ونحسن العمل فيها. قوله : (من دعوى الشريك) أي من دعوى نفع الشريك ، لأنهم كانوا يدعون أن الأصنام تنفعهم.
قوله : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ) أي لا غيره. قوله : (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) أي وأولها الأحد ، وآخرها الجمعة ، كما ورد أنه ابتدأ الخلق في يوم الأحد ، وأنه خلق الأرض في يومين : الأحد والاثنين ، والسماوات في يومين : الخميس والجمعة ، وأنه خلق الجبال والوحوش والأشجار والزرع في : الثلاثاء والأربعاء ، وروى مسلم والحاكم عن ابن عباس إن الله خلق الأرض يوم الأحد والاثنين ، وخلق الجبال وما فيهن من منافع