لِنُسْلِمَ) أي بأن نسلم (لِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٧١) (وَأَنْ) أي بأن (أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ) تعالى (وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (٧٢) تجمعون يوم القيامة للحساب (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ) أي محقا (وَ) اذكر (يَوْمَ يَقُولُ) للشيء (كُنْ فَيَكُونُ) هو يوم القيامة يقول للخلق قوموا فيقوموا (قَوْلُهُ الْحَقُ) الصدق الواقع لا محالة (وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) القرن النفخة الثانية من إسرافيل لا ملك فيه لغيره لمن الملك اليوم لله (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) ما غاب وما شوهد (وَهُوَ الْحَكِيمُ) في خلقه (الْخَبِيرُ) (٧٣) بباطن الأشياء كظاهرها (وَ) اذكر (إِذْ
____________________________________
الدين عند الله الإسلام.
قوله : (وَأُمِرْنا) أي أمرنا الله بأن نسلم بمعنى نوحد ونتقاد لرب العالمين. قوله : (وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ) قدر المفسر الباء إشارة إلى أنه معطوف على أن نسلم ، فهو داخل تحت الأمر أيضا ، وفيه التفات من التكلم للخطاب ، وعطف التقوى عليه من عطف العام ، وخص الصلاة بعد الإسلام لأنها أعظم أركانه. قوله : (وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) هذا دليل للأمر المتقدم وموجب لامتثاله ، والمعنى امتثلوا أوامره واجتنبوا نواهيه ، لأنكم تجمعون إليه ويحاسبكم. قوله : (أي محقا) أشار بذلك إلى أن الجار والمجرور متعلق بمحذوف حال ، أي حال كونه محقا أي موصفوفا بالحقية وهو وجوب الوجود الذي لا يقبل الزوال ، ويحتمل أن يكون المعنى محقا لا هازلا ولا عابثا ، بل خلقهما لحكم ومصالح لعباده ، ويؤيد هذا المعنى قوله تعالى : (وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ).
قوله : (يَوْمَ يَقُولُ) معمول محذوف قدره المفسر بقوله اذكر والواو للاستئناف. قوله : (يَقُولُ كُنْ) هذا كناية عن سرعة الإيجاد ، وهو تقريب للعقول ، وإلا فلا كاف ولا نون ، قال تعالى : (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ). قوله : (فَيَكُونُ) كل من كن ويكون تام يكتفي بالمرفوع ، و (هو) ضمير يعود على جميع ما يخلقه الله. قوله : (يقول للخلق) أي جميعهم من مبدأ الدنيا إلى منتهاها ، من العالم العلوي والسفلى. قوله : (الْحَقُ) يصح أن يكون مبتدأ وخبرا أو مبتدأ ، والحق نعته خبره قوله يوم يقول. قوله : (لا محالة) أي لا بد من وقوعه وهو بفتح الميم مصدر ميمي ، وأما بضم الميم فمعناه الباطل ، وليس مرادا هنا. قوله : (يَوْمَ يُنْفَخُ) إما ظرف لقوله : (وَلَهُ الْمُلْكُ) وخص بذلك وإن كان الملك لله مطلقا ، لأنه في ذلك الوقت لا يملك أحد شيئا مما كان يملكه في الدنيا ، قال تعالى : (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) أو خبر عن الملك والتقدير ينفخ في الصورة له أو بدل من يوم يقول.
قوله : (فِي الصُّورِ) هو نائب الفاعل. قوله : (القرن) أي المستطيل ، قال مجاهد : الصور قرن كهيئة البوق ، وفيه جميع الأرواح وفيه ثقب بعددها ، فإذا نفخ خرجت كل روح من ثقبة ووصلت لجسدها فتحله الحياة ، فالإحياء يحصل بإيجاد الله عند النفخ لا بالنفخ ، فهو سبب عادي. قوله : (النفخة الثانية) أي وأما الأولى فعندها يموت كل ذي روح. قال تعالى : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ). قوله : (وما غاب وما شوهد) أي بالنسبة ، وإلا فالكل عند الله شهادة ولا يغيب عليه شيء ، بل ما في تخوم الأرضين والسماوات بالنسبة له كما على ظهرها سواء بسواء. قوله : (وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) كالدليل لما قبله.