قدماه فيه وبقي إلى الآن مع تطاول الزمان وتداول الأيدي عليه ومنها تضعيف الحسنات فيه وأن الطير لا يعلوه (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) لا يتعرض إليه بقتل أو ظلم أو غير ذلك (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) واجب بكسر الحاء وفتحها لغتان في مصدر حج بمعنى قصد ويبدل من الناس (مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) طريقا فسره صلىاللهعليهوسلم بالزاد والراحلة رواخ الحاكم وغيره (وَمَنْ كَفَرَ) بالله أو بما فرضه من الحج (فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) (٩٧) الأنس والجن والملائكة وعن عبادتهم (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ) القرآن (وَاللهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ) (٩٨) فيجازيكم عليه (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ) تصرفون (عَنْ سَبِيلِ اللهِ) أي دينه (مَنْ آمَنَ) بتكذيبكم النبي وكتم نعمته (تَبْغُونَها) أي تطلبون السبيل (عِوَجاً) مصدر بمعنى معوجة أي مائلة عن
____________________________________
الآية يشهد بأنه قبلة حتى للجمادات ، ولذلك ترى الأشجار عند انحنائها تكون لجهته. قوله : (وبقي إلى الآن) أشار بذلك إلى أن في الحجر آيتين غوص إبراهيم فيه وصعوده به ونزوله به ، وكونه باقيا إلى الآن. قوله : (تضعيف الحسنات فيه) أي فالصلاة فيه بمائة ألف صلاة ، قوله : (وأن الطير لا يعلوه) أي لا يمر على ظهره إلا إذا كان بالطير مرض فيمر ليشتفي بهوائه. قوله : (بقتل) أي ولو قصاصا ، هذا ما كان في الجاهلية فكان الرجل يقتل ويدخله فلا يتعرض له ما دام فيه ، وأما بعد الإسلام فعند مالك والشافعي أن قتل اقتص منه فيه ، وعند أبي حنيفة لا يقتص منه فيه ما دام فيه وإنما يضيق عليه حتى يخرج ، وهذا هو الأمر في الدنيا ، وأما في الآخرة فبتكفير السيئات ومضاعفة الحسنات.
قوله : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ) خبر مقدم و (حِجُّ الْبَيْتِ) مبتدأ مؤخر ، والحج لغة القصد ، واصطلاحا عبادة ، يلزمها طواف بالبيت سبعا وسعيا بين الصفة والمروة كذلك ووقوف بعرفة ليلة عاشر ذي الحجة على وجه مخصوص ، وهو فرض عين في العمر مرة ، وواجب كفاية كل عام إن قصد إقامة الموسم ، ومندوب إن لم يقصد ذلك. قوله : (لغتان) أي وهما قراءتان سبعيتان. قوله : (ويبدل من الناس) أي بدل بعض من كل ، والعائد محذوف تقديره منهم. قوله : (مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) أي على سبيل العادة ، فلا يجب بطيران ولا خطوة ، لكن لو فعل سقط الفرض ، وأما المشي فيجب به عند مالك إن قدر عليه.
قوله : (وَمَنْ كَفَرَ) (بالله) أي أنكر وحدانيته أو جحد شيئا من أحكامه. قوله : (أو بما فرضه) تفسير ثان. قوله : (فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) أي فلا تنفعه طاعتهم ولا تضره معاصيهم قال تعالى : (فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللهُ وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ).
قوله : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ) أي اليهود والنصارى ، وخصهم بالذكر لأن كفرهم محض عناد قوله : (القرآن) أو وما ألحق به من المعجزات الباهرة. قوله : (عَلى ما تَعْمَلُونَ) أي من الكفر. قوله : (تصرفون) أي تمنعون. قوله : (أي دينه) أي المعتدل.
قوله : (مَنْ آمَنَ) يحتمل أن المعنى من آمن بالفعل تسعون في رده عن الإيمان إلى الكفر ويحتمل أن المراد من أراد الإيمان تصدوه عن كونه يؤمن بالله. قوله : (تَبْغُونَها) الجملة حالية من الواو في تصدون. قوله : (عِوَجاً) هو بكسر العين في المعاني ويفتحها في الأجسام ، يقال اعوجت الطريق