فرضتم لهن (فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ) أنتم وهن (بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ) من حطها أو بعضها أو زيادة عليها (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً) بخلقه (حَكِيماً) (٢٤) فيما دبره لهم (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً) أي غنى (أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ) الحرائر (الْمُؤْمِناتِ) هو جري على الغالب فلا مفهوم له (فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) ينكح (مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ) فاكتفوا بظاهره وكلوا السرائر إليه فإنه العالم بتفصيلها ورب أمة تفضل الحرة فيه وهذا تأنيس بنكاح الإماء (بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) أي أنتم وهن سواء في الدين فلا تستنكفوا من نكاحهن (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَ) مواليهن (وَآتُوهُنَ) أعطوهن (أُجُورَهُنَ) مهورهن (بِالْمَعْرُوفِ) من غير مطل
____________________________________
إلى أن ما واقعة على من يعقل وهن الزوجات ، والمراد الزوجات اللاتي تمتعتم به منهن ، فالآية واردة في النكاح الصحيح ، فهو بمعنى قوله تعالى : (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) الآية ، وكرره لتتميم حكم الحل ، وقيل إن الآية وردت في نكاح المتعة ، وكان في صدر الإسلام حلالا ، فكان الرجل ينكح المرأة وقتا معلوما ثم يسرحها ، وقد نسخ هذا ، فعلى هذا الآية منسوخة. قوله : (بالوطء) أي ومقدماته. قوله : (مهورهن) سمى المهر أجرا لأنه في مقابلة الاستمتاع لا الذات. قوله : (فرضتم لهن) أشار بذلك إلى أن فريضة مفعول لمحذوف وهو متصل بما قبله ، فإن لم يكن فرض لها شيئا وقد دخل بها ، فإنه يلزمه مهر مثلها. قوله : (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) أي ولا عليهن. قوله : (أنتم وهن) أي إن كن رشيدات ، أو أولياؤهن إن كن سفيهات. قوله : (من حطها إلخ) بيان لما ، والكلام موزع ، والمعنى فلا جناح عليكم فيما تراضيتم به من الحط ، ولا جناح عليهن فيما تراضين من أخذ الزيادة.
قوله : (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ) من شرطية أو موصولة ، ويستطع إما فعل الشرط أو صلة الموصول ، وقوله : (مِنْكُمْ) أي الأحرار وهو شروع في بيان حكم نكاح الإماء للأحرار ، فأفاد أنه لا يجوز للحر أن ينكح الأمة إلا بشروط ثلاثة : أن لا يجد للحرائر طولا ، وأن تكون تلك الأمة مؤمنة ، وأن يخشى على نفسه العنت ، وذلك الحكم يخصص ما تقدم في قوله : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ). وقوله : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) وعلة حرمة نكاح الأمة لئلا يصير الولد رقيقا لسيد الأمة ، فإن كان لا يولد له أو لها أو كان ولده يعتق على سيدها مثل أمة الجد ، فإنه يجوز له تزوج الأمة بشرط كونها مؤمنة.
قوله : (أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ) أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مفعول لقوله طولا على حد ، (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً). قوله : (فلا مفهوم له) أي فإذا وجد طولا لحرة كتابية ، فلا يجوز له أن يتزوج بالأمة. قوله : (فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) إما جواب الشرط أو خبر المبتدأ ، وقدر المفسر العامل مؤخرا لإفادة الحصر. قوله : (مِنْ فَتَياتِكُمُ) جمع فتاة وهي الشابة من النساء. قوله : (تفضل الحرة فيه) أي الإيمان بأن تكون من كبار الأولياء وأرباب الأسرار مثلا. قوله : (بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) أي من جنس بعض في الدين والنسب ، كقول علي كرّم الله وجهه بيت شعر من البسيط :
النّاس من جهة التّمثيل أكفاء |
|
أبوهم آدم والأمّ حوّاء |
قوله : (من غير مطل) أي عدم أداء مع القدرة عليه. قوله : (حال) أي من قوله : (فَانْكِحُوهُنَ)