وَتَتَّقُوا) فتكره اليمين على ذلك ويسن فيه الحنث ويكفر بخلافها على فعل البر ونحوه فهي طاعة (وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ) المعنى لا تمتنعوا من فعل ما ذكر من البر ونحوه إذا حلفتم عليه بل ائتوه وكفروا لأن سبب نزولها الامتناع من ذلك (وَاللهُ سَمِيعٌ) لأقوالكم (عَلِيمٌ) (٢٢٤) بأحوالكم (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ) الكائن (فِي أَيْمانِكُمْ) وهو ما يسبق إليه اللسان من غير قصد الحلف نحو لا والله وبلى والله فلا إثم عليه ولا كفارة (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) أي قصدته من الإيمان إذا حنثتم (وَاللهُ غَفُورٌ) لما كان من اللغو (حَلِيمٌ) (٢٢٥) بتأخير العقوبة عن مستحقها (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ) أي يحلفون أن يجامعوهن (تَرَبُّصُ) انتظار (أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ
____________________________________
أيمانكم. قوله : (أي نصبا لها) أي عرضا مانعا من فعل البر. قوله : (بأن تكثروا الحلف به) هذا تفسير آخر للآية ، فكان المناسب للمفسر أن يأتي بأو. قوله : (أَنْ تَبَرُّوا) أي تصلوا الرحم مثلا ، وقوله : (وَتَتَّقُوا) أي تصلوا أو تصوموا مثلا ، وقوله : (وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ) من عطف الخاص على العام ، والمعنى أن الفعل الذي يحصل لكم به خير فلا تحلفوا على تركه وهذا على التفسير الأول ، وأما على الثاني فلا يحتاج لتقدير لا وإنما يقدر لام التعليل ، أي لا تكثروا الحلف بالله لما فيه من ابتذال اسمه تعالى في كل شيء قليل أو كثير عظيم أو حقير ، لأجل أن تكونوا من أهل البر والتقوى والاصلاح بين الناس ، فالنهي عن الكثرة على هذا والإيمان على بابها بمعنى الأقسام ، وعرضة بمعنى معروض فهي اسم مفعول أي محل للحلف كغرض الرماة ، وعلى الأول فهي بمعنى عارضة ، أي لا تجعلوا الله مانعا من بركم وتقواكم واصلاحكم بواسطة القسم به. قوله : (فتكره اليمين على ذلك) أي إن كان مندوبا وهو مفرع على التفسير الأول. قوله : (فهي طاعة) أي مندوب وتعتريها الحرمة كما إذا حلف على ترك واجب.
قوله : (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ) اختلف العلماء في معنى اللغو ، فقال الشافعي هو ما سبق إليه اللسان من غير قصد عقد اليمين فلا أثم ولا كفارة له ، وقال أبو حنيفة ومالك هو أن يحلف على ما يعتقد فيتبين خلافه ، وفي الفروع تفاصيل موكولة لأربابها. قوله : (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) وقعت هنا لكن بين نقيضين باعتبار وجود اليمين لأنها لا تخلو إما أن لا يقصدها القلب بل جرت على اللسان وهي اللغو عند الشافعي ، وإما أن يقصدها وهي المنعقدة ، والمعنى لا يؤاخذكم الله بغير المقصودة لقلوبكم وإنما يؤاخذكم بالمقصودة لها ، وهذا التقرير على مذهب الشافعي ، ويقال على مذهب أبي حنيفة ومالك لا يؤاخذكم الله باللغو أي بما حلفتم عليه معتقدين حقيقته بحيث يكون اللسان موافقا للجنان ، ولكن يؤاخذكم بما حلفتم عليه غير معتقدين حقيقته وهي اليمين الغموس ، وقذ نظم الاجهوري من المالكية صور كفارة اللغو والغموس بقوله :
كفر غموسا بلا ماض بكون كذا |
|
لغو بمستقبل لا غير فامتثلا |
قوله : (لما كان من اللغو) أي والخطأ. قوله : (بتأخير العقوبة عن مستحقها) أي ومن ذلك اليمين الغموس فكفارتها الغمس في جهنم. قوله : (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ) حقيقة الايلاء الحلف بالله أو بغيره على ترك وطء الزوجة المدخول بها المطيقة للوطء أكثر من أربعة أشهر ، إما صريحا كلا أطؤك ، أو ضمنا كلا أغتسل من جنابة منك ، وخكمه كما قال الله ، وللذين خبر مقدم وتربص مبتدأ مؤخر ،