شافعين (وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ) فداء (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) (٤٨) يمنعون من عذاب الله (وَ) اذكروا (إِذْ نَجَّيْناكُمْ) أي آباءكم والخطاب به وبما بعده للموجودين في زمن نبينا بما أنعم على آبائهم تذكيرا لهم بنعمة الله تعالى ليؤمنوا (مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ) يذيقونكم (سُوءَ الْعَذابِ) أشده ، والجملة حال من ضمير أنجيناكم (يُذَبِّحُونَ) بيان لما قبله (أَبْناءَكُمْ) المولودين (وَيَسْتَحْيُونَ) يستبقون (نِساءَكُمْ) لقول بعض الكهنة له إن مولودا يولد في بني إسرائيل يكون سببا
____________________________________
وخير ما فسرته بالوارد كما أشار لذلك المفسر. قوله : (وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ) الضمير عائد على النفس الكافرة ، والعدل بالفتح الفداء ، ويطلق على المماثل في القدر لا في الجنس ، وأما المماثل في الجنس فبالكسر. قوله : (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) جمع باعتبار أفراد النفس ، لأن المراد بها جنس الأنفس ، وأتى بالجملة اسمية للتأكيد ، والمعنى ليس لهم مانع يمنعهم من عذاب الله.
قوله : (إِذْ نَجَّيْناكُمْ) معطوف على نعمتي مسلط عليه اذكروا الأول أي اذكروا نعمتي وتفضيلي إياكم ووقت إنجائي لكم ، والمقصود ذكر الإنجاء أو معطوف على جملة اذكروا ، فقول المفسر اذكروا ليس تقديرا للعامل الأول بل هو عامل مماثلة ، وهكذا يقال فيما يأتي ما فيه إذ من جميع ما يتعلق ببني إسرائيل. قوله : (أي آبائكم) ويصح أن النجاة لهم إذ لو غرقت أصولهم ما وجدوا ، والنجاة مأخوذة من النجوة وهي الأرض المرتفعة ، والوضع عليها ليسلم من الآفات يسمى إنجاء لهم ثم أطلق على كل خلوص من ضيق إلى سعة ، فالمعنى خلصناهم من الهلكات. قوله : (بما أنعم على آبائهم) أي وعدد عليهم نعما عشرة نهايتها (وإذ استسقى).
قوله : (مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) لا يرد أن الآل لا يضاف إلا لذي شرف لأن فرعون ذو شرف دنيوي ، والمراد أعوانه وكانوا يوم الغرق ألف ألف وسبعمائة ألف غير المتخلفين بمصر ، وكانت الخيل الدهم سبعين ألفا ، وبنو إسرائيل كانوا ستمائة ألف وعشرين ألفا وعند دخول يعقوب مصر كانوا سبعين نفسا ذكورا وإناثا ، وبين موسى ويعقوب أربعمائة سنة ، فكمل فيها ذلك العدد مع كثرة قتل الأطفال وموت الشيوخ ، فسبحان الخلاق العظيم ، وفرعون اسمه الوليد بن مصعب بن الريان ، وفرعون لقب له من الفرعنة وهي العتو والتمرد ، ومدة ادعائه الألوهية أربعمائة سنة ، وكان يأكل كل يوم فصيلا ، وكان لا يتغوط إلا كل أربعين يوما مرة ، وفرعون اسم لكل من ملك العمالقة ، كما أن قيصر اسم لمن ملك الروم ، وكسرى لمن ملك الفرس ، والنجاشي لمن ملك الحبشة ، وتبع لمن ملك اليمن ، وخافان لمن ملك الترك. قوله : (يذيقونكم) أي على سبيل الدوام. قوله : (سُوءَ الْعَذابِ) اسم جامع لكل ما يعم النفس كالشر وهو ضد الخير ، إن قلت إن العذاب شيء أجاب المفسر بأن المراد أشده. قوله : (بيان لما قبله) أي لبعض ما قبله فإنهم يعذبون بأنواع العذاب ، فكانوا يخدمون أقوياء بني إسرائيل في قطع الحجر والحديد والبناء وضرب الطوب والنجارة وغير ذلك وكان نساؤهم يغزلن الكتان لهم وينسجنه ، وضعفاؤهم يضربون عليهم الجزية ، وإنما قلنا لبعض ما قبله لأن ذبح الأولاد وما ذكر معه ليس هو عين أشد العذاب بل بعضه بدليل سورة إبراهيم فإنها بالعطف وهو يقتضي المغايرة.
قوله : (وَيَسْتَحْيُونَ) أصله يستحييون بياءين الأولى عين الكلمة والثانية لامها استثقلت الكسرة