هو أبو الجن كان بين الملائكة (أَبى) امتنع من السجود (وَاسْتَكْبَرَ) تكبر وقال أنا خير منه (وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) (٣٤) في علم الله (وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ) تأكيد للضمير المستتر ليعطف عليه (وَزَوْجُكَ) حواء بالمد وكان خلقها من ضلعه الأيسر (الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها) أكلا (رَغَداً) واسعا لا
____________________________________
وأنه ليس من الملائكة ، قال في الكشاف لما اتصف بصفات الملائكة جمع معهم في الآية واحتيج إلى استثنائه ، ويدل على ذلك قوله تعالى : (إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ) وكررت قصة إبليس في سبعة مواضع : في البقرة والأعراف والحجر والإسراء والكهف وطه وص تسلية له صلىاللهعليهوسلم ، وعبرة لبني آدم ، فلا يغتر العابد ولا يقنط العاصي ، ويحتمل أن الإستثناء متصل وقوله تعالى : (كانَ مِنَ الْجِنِّ) أي في الفعل والأقرب الأول.
قوله : (وَاسْتَكْبَرَ) من عطف العلة على المعلول أي أبى وامتنع لكبره والسين للتأكيد. قوله : (قال أنا خير منه) هذا وجه تكبره وبين وجه الخيرية في الآية الأخرى ، قوله تعالى : (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِين) قال بعض المفسرين : وذلك مردود بأمور ، منها أن آدم مركب من العناصر الأربع بخلاف إبليس فلا وجه للخيرية ، ومنها أن الله هو الخالق لكل شيء ولا يعلم الفضل إلا هو ، فله أن يفضل من شاء على من يشاء ، ومنها غير ذلك. قوله : (في علم الله) دفع بذلك ما قيل إنه لم يكن كافرا بل كان عابدا وإنما كفر الآن ، ويجاب أيضا بأن كان بمعنى صار.
قوله : (وَقُلْنا يا آدَمُ) هذه الجملة معطوفة على جملة (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ) من عطف قصة على قصة وإنما عطفت عليها لوقوعها بعدها ، فإنه بعد أمر الملائكة بالسجود لآدم ، وامتناع إبليس منه ، أمر آدم بسكنى الجنة. قوله : (ليعطف عليه) (وَزَوْجُكَ) إن قلت إن فعل الأمر يعمل في الظاهر والمعطوف على الفاعل فاعل فيقتضي عمله في الظاهر ، أجيب بأنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع ، وفصل بالضمير المنفصل لقول ابن مالك :
وإن على ضمير رفع متصل |
|
عطفت فافصل بالضمير المنفصل |
قوله : (وكان خلقها) أي الله وقوله : (من ضلعه) أي آدم فلذلك كان كل ذكر ناقصا ضلعا من الجانب الأيسر ، فجهة اليمين ثمانية عشر ، واليسار سبعة عشر ، وقد خلقت بعد دخوله الجنة نام فلما استيقظ وجدها فأراد أن يمد يده إليها فقالت له الملائكة مه يا آدم حتى تؤدي مهرها ، فقال وما مهرها فقالوا ثلاث صلوات أو عشرون صلاة على سيدنا محمد صلىاللهعليهوسلم ، ولا يقال إن شرط الصداق عود منفعته للزوجة ، لأننا نقول ليس المقصود منه حقيقة المهر ، وإنما هو ليظهر قدر محمد لآدم من أول قدم ، إذ لولاه ما تمتع بزوجه ، فهو الواسطة لكل واسطة حتى آدم ، وقوله من ضلعه الأيسر أي وهو القصير ، ووضع الله مكانة لحما من غير أن يحس آدم بذلك ، ولم يجد له ألما ، ولو وجده لما عطف رجل على امرأة ، والنون في قلنا للعظمة ، وقوله : (اسْكُنْ) أي دم على السكنى ، فإنه كان ساكنا فيها قبل خلق حواء ، واستشكل شيخ الإسلام هذه الآية بأنه أتى في هذه الآية بالواو في قوله : (وَكُلا) وفي آية الأعراف بالفاء ، هل لذلك من حكمة أجاب بأن الأمر هنا في هذه الآية كان داخل الجنة ، فلا ترتيب بين السكنى والأكل ، وفي آية الأعراف كان خارجها ، فحسن الترتيب بين السكنى والأكل ا. ه. والحق أن يقال : إن ذلك ظاهر إن دل