دعائي بالطاعة (وَلْيُؤْمِنُوا) يدوموا على الإيمان (بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (١٨٦) يهتدون (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ) بمعنى الإفضاء (إِلى نِسائِكُمْ) بالجماع. نزل نسخا لما كان في صدر الإسلام من تحريمه وتحريم الأكل والشرب بعد العشاء (هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَ) كناية عن تعانقهما أو احتياج كل منهما إلى صاحبه (عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ) تخونون (أَنْفُسَكُمْ) بالجماع ليلة الصيام وقع ذلك لعمر وغيره واعتذروا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم (فَتابَ عَلَيْكُمْ) قبل توبتكم (وَعَفا عَنْكُمْ فَالْآنَ) إذ حل لكم (بَاشِرُوهُنَ) جامعوهن (وَابْتَغُوا) اطلبوا (ما كَتَبَ اللهُ
____________________________________
(على الإيمان) (بِي) أي فلا يرتدوا. قوله : (لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) هكذا أقر الجمهور بفتح الياء وضم الشين من باب قتل ، وقرىء بكسر الشين وفتحها والياء مفتوحة على كل من بابي ضرب وعلم ، وقرىء بضم الياء مبنيا للفاعل والمفعول محذوف أي غيرهم أي يدلوهم على طريق الرشاد ، ولذا قيل حال رجل في الف رجل أنفع من وعظ ألف رجل في رجل ، أو مبنيا للمفعول فقراءات غير الجمهور أربع.
قوله : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ) ليلة ظرف لأحل والمعنى أحل لكم في ليلة الصيام ، وفي الناصب له ثلاثة أقوال : قيل أحل وهو المشهور عند المعربين وليس بشيء لأن الإحلال ثابت قبل ذلك الوقت ، وقيل مقدر مدلول عليه بلفظ الرفث تقديره أحل لكم أن ترفثوا ليلة الصيام ، وقيل متعلق بالرفث لأنه يتوسع في الظروف ما لا يتوسع في غيرها. قوله : (الرَّفَثُ) ضمنه معنى الإفضاء فعداه بإلى وإلا فهو يتعدى بالباء أو بفي وهو في الأصل الكلام الذي يستقبح ذكره الواقع عند الجماع ، فأطلق وأريد منه الجماع على سبيل الكناية لاستقباح ذكره. قوله : (بمعنى الإفضاء) هو في الأصل أن لا يكون بينك وبين الشيء حائل ، وليس مرادا هنا بل المراد به هنا إفضاء خاص بالجماع ، ولذا قال المفسر بمعنى الإفضاء إلى نسائكم بالجماع.
قوله : (إِلى نِسائِكُمْ) المراد حلائلكم من زوجة وأمة. قوله : (من تحريمه) أي الجماع. (بعد العشاء) أي دخول وقتها أو بعد النوم ولو كان قبلها. قوله : (كناية عن تعانقهما) أي فالتشبيه من حيث الإعتناق ، فكما أن اللباس يسلك في العنق كذلك المرأة تسلك في عنق الرجل والرجل يسلك في عنقها ، ويصح أن التشبيه من حيث الستر ، فالمرأة تستر الرجل والرجل يسترها ، قال تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً). وإليه ، الإشارة بقول المفسر أو احتياج كل منهما لصاحبه والحكمة في تقديم قوله هن لباس لكم أن طلب المواقعة غالبا يكون ابتداء من الرجل إليها أكثر لما في الحديث لا خير في النساء ولا صبر عنهن يغلبن كريما ويغلبهن لئيم فأحب أن أكون كريما مغلوبا ، ولا أحب أن أكون لئيما غالبا.
قوله : (تَخْتانُونَ) هو أبلغ من تخونون لزيادة بنائه. قوله : (وقع ذلك لعمر). وحاصله أنه بعد أن صلى العشاء ، وجد بأهله رائحة طيبة فواقع أهله حينئذ ، ثم لما أصبح جاء رسول الله واخبره الخبر فقال يا رسول الله إني اعتذر إلى الله وإليك ما وقع مني ، فقام جماعة فقالوا مثل ما قال عمر ، فنزلت الآية نسخا للتحريم الواقع بالسنة. قوله : (فَالْآنَ) إن قلت إنه ظرف للزمان الحاضر. وقوله : (بَاشِرُوهُنَ) مستقبل فحينئذ لا يحسن ذلك. أشار المفسر لدفع ذلك حيث حول العبارة بقوله إذ حل لكم فمتعلق