(الرَّحِيمُ) (٣٧) بهم (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها) من الجنة (جَمِيعاً) كرره ليعطف عليه (فَإِمَّا) فيه إدغام نون إن الشرطية في ما الزائدة (يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً) كتاب ورسول (فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ) فآمن بي وعمل بطاعتي (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٣٨) في الآخرة بأن يدخلوا الجنة (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا) كتبنا (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٣٩) ماكثون أبدا لا يفنون ولا يخرجون (يا بَنِي إِسْرائِيلَ) أولاد يعقوب (اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) أي على
____________________________________
قيل إن آدم لما نزل الأرض مكث ثلثمائة سنة لا يرفع رأسه إلى السماء حياء من الله تعالى ، وقد قيل لو أن دموع أهل الأرض جمعت لكانت دموع داود أكثر ، ولو أن دموع داود مع أهل الأرض جمعت لكانت دموع آدم أكثر. قوله : (قُلْنَا) أتى بنون العظمة لأنها له حقيقة ومن ادعاها غير مولانا قصم. قوله : (اهْبِطُوا) جمع باعتبار الذرية التي في صلب آدم. قوله : (جَمِيعاً) حال من فاعل اهبطوا أي مجتمعين إما في زمان واحد أو في أزمنة متفرقة ، لأن المراد الإشتراك في أصل الفعل ، فإن جاؤوا جميعا لا تستلزم الصحبة بخلاف جاؤوا معا. قوله : (ليعطف عليه) أي فهذا حكمة التكرار ، فالأول أفاد الأمر بالهبوط مع ثبوت العداوة ، والثاني أفاد الأمر بالهبوط والتكاليف ، وترتب السعادة والشقاوة على الإمتثال وعدمه ، فالشيء مع غيره ، غيره في نفسه. قوله : (كتاب ورسول) أي أو رسول فقط ، فالمراد بالهدى مطلق دال على الله ، والمراد أي رسول وأي كتاب من آدم إلى محمد ، والرسول صادق بكونه من الملك أو البشر فيشمل الأمم والأنبياء فتأمل. قوله : (إن الشرطية) أي وفعلها يأتينكم مبني على الفتح لإتصاله بنون التوكيد الثقيلة ، وجوابه جملة فمن اتبع هداي وجملة (وَالَّذِينَ كَفَرُوا) الآية إذا التقدير ومن لم يتبع هداي وجملة (وَالَّذِينَ كَفَرُوا) الآية إذ التقدير ومن لم يتبع هداي فأولئك أصحاب النار.
قوله : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ) ذكر سبحانه وتعالى خطاب المكلفين عموما في أول السورة ، ثم ثنى بمبدأ خلق آدم وقصته مع إبليس ، وثلث بذكر بني إسرائيل سواء كانوا في زمنه صلىاللهعليهوسلم أو قبله ، وما يتعلق بهم من هنا إلى (سيقول السفهاء) ، فعدد عليهم نعما عشرة وقبائح عشرة وانتقامات عشرة ، والحكمة في ذكر بني إسرائيل الذين تقدموا قبل رسول الله مع أنهم لم يخاطبوا بالإيمان برسول الله أن من كان في زمنه صلىاللهعليهوسلم يدعى أنه على قدمهم وأنه متبع لهم وأن أصولهم كانوا على شيء فلذلك تبعوهم ، فبين سبحانه وتعالى النعم التي أنعم الله بها على أصولهم وبين لهم انهم قابلوا تلك النعم بالقبائح وبين أنه أنزل عليهم العفاف ليعتبر من يأتي بعدهم وحكمة تخصيصهم بالخطاب أن السورة أو ما نزل بالمدينة وأهل المدينة كان غالبهم يهود أو هم أصحاب كتاب وشوكة فإذا أسلموا وانقادوا انقاد جميع أتباعهم فلذلك توجه الخطاب لهم وبني منادى مضاف منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم لكونه ليس علما ولا صفة لمذكر عاقل ، وبني مضاف وإسرائيل مضاف إليه مجرور بالفتحة لأنه اسم لا ينصرف ، والمانع له من الصرف العلمية والعجمة ، وبني جمع ابن وأصله قيل بنو فهو واوي وقيل بني فهو يأتي ، فعلى الأول هو من البنوة كالأبوة وعلى الثاني هو من البناء ، وإسرائيل قيل معنا عبد الله وقيل القوي بالله لأن إسراقيل معناه عبد أو القوي وإيل معناه الله ، وقيل مأخوذ من الإسراء لأنه أسرى بالليل مهاجرا إلى الله تعالى ، وإسرائيل فيه لغات سبع الأولى بالألف ثم همزة ثم ياء ثم لام وبها جاءت القراءات السبع ، الثانية بقلب الهمزة ياء بعد الألف ، الثالثة بإسقاط الياء مع بقاء الهمزة والألف ، الرابعة والخامسة بإسقاط الألف والياء مع بقاء الهمزة مفتوحة ومكسورة ،