(بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ ذلِكَ) أي الضرب والغضب (بِأَنَّهُمْ) أي بسبب أنهم (كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ) كزكريا ويحيى (بِغَيْرِ الْحَقِ) أي ظلما (ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ) (٦١) يتجاوزون الحد في المعاصي وكرره للتأكيد (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) بالأنبياء من قبل (وَالَّذِينَ هادُوا) هم اليهود (وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ) طائفة من اليهود أو النصارى (مَنْ آمَنَ) منهم (بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) في زمن نبينا (وَعَمِلَ صالِحاً) بشريعته (فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ)
____________________________________
الفقر ، قال المفسرون : مبدأ زيادة الذلة والغضب من وقت إشاعتهم قتل عيسى. قوله : (بِآياتِ اللهِ) أي المعجزات التي أتى بها موسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم. قوله : (كزكريا) أي بالنشر حين أوى إلى شجرة الأثل فانفتحت له فدخلها فنشروها معه. قوله : (ويحيى) أي قتلوه على كلمة الحق ، ورد أنهم قتلوا في يوم واحد سبعين نبيا وأقاموا سوقهم. قوله : (بِغَيْرِ الْحَقِ) من المعلوم أن قتل الأنبياء لا يكون إلا بغير الحق ، وإنما ذكره إشارة إلى أن اعتقادهم موافق للواقع ، فهم يعتقدون أنه بغير الحق كما هو الواقع. قوله : (بما عصوا) أصله عصيوا تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا ثم حذفت لإلتقاء الساكنين وبقيت الفتحة لتدل عليها. قوله : (وكرره) أي اسم اشارة وهو لفظ ذلك ، قال بعضهم : وفي تكرير الإشارة قولان أحدهما أنه مشار به إلى ما أشير إليه بالأول على سبيل التأكيد ، والثاني أنه مشار به إلى الكفر وقتل الأنبياء على معنى أن ذلك بسبب عصيانهم واعتدائهم لأنهم انهمكوا فيها ، وما مصدرية والباء للسببية ، وأصل يعتدون يعتديون استثقلت الضمة على الياء فحذفت فالتقى ساكنان ، حذفت الياء لإلتقائهما وضمت الدال لمناسبة الواو.
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) هذه الآية معترضة بين قصص بني إسرائيل. قوله : (من قبل) أي قبل بعثة النبي محمد صلىاللهعليهوسلم ، كبحيرا الراهب وأبي ذر الغفاري وورقة بن توفل وسلمان الفارسي وقس بن ساعدة وغيرهم ممن آمن بعيسى ولم يغير ولم يبدل حتى أدرك محمدا وآمن به ، وأما من آمن بعيسى وأدرك محمدا ولم يؤمن به فذلك مخلد في النار ، لقوله تعالى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) ، والذين اسم إن وآمنوا صلته والذين معطوف عليه وهادوا صلته. قوله : (هم اليهود) من هاد إذا رجع سموا بذلك لرجوعهم من عبادة العجل على أنه عربي ، وأما على أنه عبراني فعرب فاصله يهوذا اسم أكبر أولاد يعقوب فأبدلت المعجمة مهملة.
قوله : (وَالنَّصارى) جمع نصران والياء للمبالغة كأحمرى ، سموا بذلك لأنهم نصروا عيسى على كلمة الحق ، كما سمي الأنصار أنصارا لنصرته صلىاللهعليهوسلم ، وقيل نسبة لناصرة قرية بالشام. قوله : (وَالصَّابِئِينَ) أي المائلين عن دينهم. قوله : (أو النصارى) إشارة إلى تنويع الخلاف أي صبؤوا عن دينهم وعبدوا النجوم والملائكة ، وقيل فرقة ادعوا أنهم على دين صابىء بن شيث بن آدم. والأرجح ما قاله المفسر. قوله : (من) اسم موصول مبتدأ وآمن صلته والعائد محذوف ، قدره المفسر بقوله منهم وبالله متعلق بآمن ، وقوله : فلهم أجرهم خبر المبتدأ وقرن بالفاء لما في المبتدأ من العموم ، ويصح أن يكون من اسم شرط مبتدأ وآمن فعل الشرط ، وقوله فلهم أجرهم جواب الشرط وخبر المبتدأ فيه خلاف ، قيل فعل الشرط رقيل جوابه وقيل هما والجملة خبر إن ، ويصح أن يكون من بدل من اسم إن وجملة فلهم أجرهم خبر إن. قوله : (أَجْرُهُمْ) في الأصل مصدر بمعنى الإيجار ، والمراد به هنا الثواب وهو مقدار من الجزاء أعده