بالفوقانية ونصب سبيل خطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ) تعبدون (مِنْ دُونِ اللهِ قُلْ لا أَتَّبِعُ أَهْواءَكُمْ) في عبادتها (قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً) إن اتبعتها (وَما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) (٥٦) (قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ) بيان (مِنْ رَبِّي وَ) قد (كَذَّبْتُمْ بِهِ) بربي حيث أشركتم (ما عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) من العذاب (إِنِ) ما (الْحُكْمُ) في ذلك وغيره (إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُ) القضاء (الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ) (٥٧) الحاكمين وفي قراءة يقص أي يقول (قُلْ) لهم (لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) بأن أعجله لكم واستريح ولكنه عند الله (وَاللهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ) (٥٨) متى يعاقبهم (وَعِنْدَهُ) تعالى (مَفاتِحُ الْغَيْبِ) خزائنه أو الطرق الموصلة إلى
____________________________________
وطريق الضلال واضحة ، لما في الحديث «تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها ونهارها كليلها لا يضل عنها إلا هالك». قوله : (وفي قراءة بالتحتانية) أي ورفع سبيل ، فالقراءات ثلاث وكلها سبعية ، ففي الفوقانية الرفع والنصب ، وفي التحتانية الرفع لا غير. قوله : (خطاب للنبي) أي والمعنى لتعلم سبيلهم فتعاملهم بما يليق بهم.
قوله : (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ) هذا أمر من الله لنبيه أن يخاطب الكفار الذين طمعوا في دخول رسول الله صلىاللهعليهوسلم في دينهم ويرد عليهم بذلك. قوله : (نُهِيتُ) أي نهاني ربي بواسطة الدليل العقلي والسمعي ، لدلالة كل منهما على أن الله واحد لا شريك له ، متصف بكل كمال مستحيل عليه كل نقص. قوله : (تعبدون) هذا أحد إطلاقات الدعاء ، وبه فسر في غالب القرآن لأنه يشمل الطلب وغيره. قوله : (قُلْ لا أَتَّبِعُ أَهْواءَكُمْ) جمع هوى سمي بذلك لأنه يهوى بصاحبه إلى المهالك ، وهذه الجملة تأكيد لما قبلها. قوله : (إِذاً) حرف جواب وجزاء ، ولا عمل لها لعدم وجود فعل تعمل فيه. قوله : (إن اتبعتها) أي الأهواء وهو بيان لمعنى إذا. قوله : (وَما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) تأكيد لما قبلها. قوله : (قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ) هذا زيادة في قطع طمعهم الفاسد ، والمعنى لا تطمعوا في دخولي دينكم لأني على بينة من ربي ، ومن كان كذلك كيف يخدع ويتبع الضلال ، وهذا نظير قوله تعالى : (وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ) قوله : (بيان) أي دليل واضح. قوله : (وَكَذَّبْتُمْ بِهِ) أي بوحدانيته ، والجملة حالية ، ويشير لذلك تقدير المفسر قد.
قوله : (ما عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) ما الأولى نافية والثانية موصولة ، وقوله : (من العذاب) بيان لما الثانية. وسبب نزولها أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يخوفهم بنزول العذاب عليهم ، وكانوا يستعجلون به استهزاء كما في آية الأنفال (وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ) الآية. قوله : (يَقُصُّ الْحَقَ) قدر المفسر القضاء إشارة إلى أنه منصوب على أنه صفة لمصدر محذوف ، ويحتمل أنه ضمنه معنى ينفذ فعداه إلى المفعول به ، ويحتمل أنه منصوب بنزع الخافض أي بالحق. قوله : (وفي قراءة يقص) من قص الأثر تتبعه ، وقص الحديث قاله.
قوله : (لَوْ أَنَّ عِنْدِي) أي لو كان الأمر مفوضا إليّ. قوله : (ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) أي من العذاب. قوله : (بأن أعجله) بيان قوله : (لَقُضِيَ الْأَمْرُ) والضمير عائد على ما تستعجلون. قوله : (متى يعاقبهم)