(بَنِي إِسْرائِيلَ) تبكيتا (كَمْ آتَيْناهُمْ) كم استفهامية معلقة سل عن المفعول الثاني وهي ثاني مفعولي آتينا ومميزها (مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ) ظاهرة كفلق البحر وإنزال المن والسلوى فبدلوها كفرا (وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ) أي ما أنعم به عليه من الآيات لأنها سبب الهداية (مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ) كفرا (فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٢١١) له (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) من أهل مكة (الْحَياةُ الدُّنْيا) بالتمويه فأحبوها (وَ) هم (يَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) لفقرهم كبلال وعمار وصهيب أي يستهزئون بهم ويتعالون عليهم بالمال (وَالَّذِينَ اتَّقَوْا) الشرك وهم هؤلاء (فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ
____________________________________
قوله : (سَلْ) أصله اسأل نقلت فتحة الهمزة الثانية إلى الساكن قبلها فسقطت تلك الهمزة تخفيفا ثم سقطت همزة الوصل للإستغناء عنها فصار وزنه فل. قوله : (تبكيتا) أي تقريعا وتوبيخا لا للإستفهام منهم ، وهذا تسلية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أي فلا غرابة في عدم إيمانهم بك ، فأننا آتيناهم آيات بينات على يد موسى فلم يؤمنوا ولم ينقادوا. قوله : (معلقة سل عن المفعول الثاني) التعليق هو إبطال العمل لفظا لا محلا والإلغاء إبطاله لفظا ومحلا فتكون جملة كم آتيناهم في المعنى في محل المفعول الثاني لسل إن قلت إن التعليق مختص بأفعال القلوب وسل ليست منها ، أجيب بأنها سبب للعلم والعلم منها. قوله : (وهو ثاني مفعولي آتينا) أي كم ومفعولها الأول الهاء من هم. قوله : (ومميزها) أي مميزكم. قوله : (كفلق البحر) أي اثني عشر طريقا. قوله : (وإنزال المن والسلوى) أي وهم في التيه حين أمروا بقتل الجبارين. قوله : (فبدلوها كفرا) هذا إشارة للبدل ، والمعنى أن الله يأتيهم بالآيات فيبدلونها بالكفر.
قوله : (وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ) من شرطية ويبدل فعل الشرط ، وقوله : (فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) جوابه. قوله : (مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ) أي اتضحت وثبتت له. قوله : (كفرا) هذا هو المفعول الثاني وقد صرح به في قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً). قوله : (له) قدره المفسر لصحة جعل الجملة جواب الشرط.
قوله : (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) زين فعل ماض مبني للمفعول ، ونائب الفاعل قوله الحياة الدنيا ، وللذين كفروا متعلق بزين ، وفاعل الزينة حقيقة هو الله ، والشيطان مجازا ، وقرىء ببناء الفعل للفاعل ، والحياة مفعول ، والفاعل ضمير يعود على الله أو الشيطان ، وجرد الفعل من العلامة لكون نائب الفعل مجازي التأنيث سيما مع وجود الفاصل. قوله : (من أهل مكة) تخصيص بحسب السبب وإلا فكل كافر كذلك. قوله : (بالتمويه) أي التحسين الظاهر الذي باطنه قبيح. قوله : (وَ) (هم) (يَسْخَرُونَ) قدره المفسر إشارة إلى أن الجملة حالية ، قال ابن مالك :
وذات واو بعدها انو مبتدأ |
|
له المضارع اجعلن مسندا |
قوله : (لفقرهم) أي لتركهم الدنيا وإقبالهم على الآخرة. قوله : (كعمار) أي ابن ياسر. (قوله : وبلال) أي الحبشي لما أسلم عذب في الله عذابا شديدا ، وقوله وصهيب تقدمت قصته. قوله : (وَالَّذِينَ اتَّقَوْا) جملة حالية. قوله : (فَوْقَهُمْ) أي حسا لكونهم في الجنة وهي عالية وجهنم سافلة ، ومعنى لكونهم مكرمين والكفار مهانون. قوله : (والله يرزق) جملة مستأنفة كالدليل لما قبلها.