الَّذِينَ كَفَرُوا) فيما يأمرونكم به (يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) إلى الكفر (فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ) (١٤٩) (بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ) ناصركم (وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ) (١٥٠) فأطيعوه دونهم (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ) بسكون العين وضمها الخوف وقد عزموا بعد ارتحالهم من أحد على العود واستئصال المسلمين فرعبوا ولم يرجعوا (بِما أَشْرَكُوا) بسبب إشراكهم (بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً) حجة على عبادته وهو الأصنام (وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى) مأوى (الظَّالِمِينَ) (١٥١) الكافرين هي (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ) إياكم بالنصر (إِذْ تَحُسُّونَهُمْ) تقتلونهم (بِإِذْنِهِ) بإرادته (حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ) جبنتم عن القتال (وَتَنازَعْتُمْ) اختلفتم (فِي الْأَمْرِ) أي أمر النبي بالمقام في سفح الجبل للرمي فقال بعضكم نذهب فقد نصر أصحابنا وبعضكم لا نخالف أمر النبي صلىاللهعليهوسلم (وَعَصَيْتُمْ) أمره فتركتم المركز لطلب الغنيمة (مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ) الله (ما تُحِبُّونَ) من النصر
____________________________________
يقول لضعفائهم امضوا بنا إلى أبي سفيان لنأخذ لكم منه عهدا ألم أقل لكم إنه ليس بنبي. قوله : (الَّذِينَ كَفَرُوا) أي كعبد الله بن سلول وغيره من المنافقين.
قوله : (فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ) أي للدنيا بالأسر والخزي والآخرة بالعذاب الدائم. قوله : والله (خَيْرُ النَّاصِرِينَ) أفعل التفضيل ليس على بابه. قوله : (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ) هذا وعد حسن من الله بنصر المسلمين وخذلان الكفار. قوله : (بسبب إشراكهم) أشار بذلك إلى أن الباء سببية وما مصدرية. قوله : (حجة) سماها سلطانا لقوتها ونفوذها. قوله : (وهو) أي ما لا ينزل به سلطانا. قوله : (وَمَأْواهُمُ النَّارُ) هذا بيان لحالهم في الآخرة بعد أن بين حالهم في الدنيا ، وكل ذلك مسبب عن الإشراك بالله ، فهم في الدنيا مرعوبون وفي الآخرة معذبون.
قوله : (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ) سبب نزولها أن أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما رجعوا إلى المدينة تذاكروا ما وقع في تلك الغزوة حيث قالوا إن الله وعدنا بالنصر على لسان نبيه فلأي شيء غلبنا ، فنزلت الآية ردا عليهم. قوله : (وَعْدَهُ) مفعول ثان لصدق لأنه يتعدى لمفعولين الأول لنفسه والثاني إما كذلك كما هنا أو بحرف الجر وهو في قوله : (إِذْ تَحُسُّونَهُمْ) ظرف لقوله : (صَدَقَكُمُ) وحسن يطلق بمعنى علم ووجد وطلب وقتل وهو المراد هنا.
قوله : (حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ) حتى ابتدائية بمعنى أن ما بعدها مستأنف ، ويصح أن تكون غائبة بمعنى إلى ، والمعنى ولقد استمر معكم النصر إلى أن فشلتم وتنازعتم وعصيتم فتخلف وعده ومنعكم النصر وإذا على الأول ظرف لما يستقبل من الزمان وعصيتم معطوف على فشلتم وجواب إذا محذوف قدره المفسر بقوله : (منعكم نصره). وقوله : (ثُمَّ صَرَفَكُمْ) معطوف على ذلك المحذوف ، وقوله : (مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا) إلخ معترض بين المعطوف والمعطوف عليه. قوله : (جبنتم عن القتال) أي بسبب الإلتفات للغنيمة. قوله : (فتركتم المركز) أي الموضع الذي أقامكم فيه رسول الله ، فإنه تقدم أنه قسم الجيش خمسة أقسام ساقة ومقدم وجناحان وقلب ، وأمرهم بالثبات سواء حصل النصر أو الهزيمة ، فظهرت لهم أمارات النصر أولا ، فبعضهم ترك مركزه وذهب للغنيمة ، والبعض ثبت.
قوله : (مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ) تنازعه كل من فشلتم وتنازعتم وعصيتم ، فأعمل الأخير وأضمر في