(مِمَّا اكْتَسَبُوا) بسبب ما عملوا من الجهاد وغيره (وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ) من طاعة أزواجهن وحفظ فروجهن نزلت لما قالت أم سلمة ليتنا كنا رجالا فجاهدنا وكان لنا مثل أجر الرجال (وَسْئَلُوا) بهمزة ودونها (اللهَ مِنْ فَضْلِهِ) ما احتجتم إليه يعطكم (إِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (٣٢) ومنه محل الفضل وسؤالكم (وَلِكُلٍ) من الرجال والنساء (جَعَلْنا مَوالِيَ) عصبة يعطون (مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ) لهم من المال (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ) بألف ودونها (أَيْمانُكُمْ) جمع يمين بمعنى القسم أو اليد أي الخلفاء الذين عاهدتموهم في الجاهلية على النصرة والإرث (فَآتُوهُمْ) الآن (نَصِيبَهُمْ) حظوظهم من الميراث وهو السدس (إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً) (٣٣) مطلعا ومنه حالكم وهذا منسوخ بقوله وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض (الرِّجالُ
____________________________________
قوله : (وغيره) أي من أنواع البر ، كالصلاة والصوم وغيرهما. قوله : (من طاعة أزواجهن) أي لما في الحديث : «لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها». وفي الحديث : «إذا بات الرجل غضبانا على زوجته باتت الملائكة تلعنها إلى الصباح». قوله : (أم سلمة) أي وهي زوج النبي صلىاللهعليهوسلم ، وقد ترتب على تمنيها نزول تلك الآية ، ونزول قوله تعالى : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ) إلى قوله : (أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً). قوله : (ليتنا كنّا رجالا) أي ينتقل لنا وصفهم ، ولا خصوصية لأم سلمة بهذا التمني ، فقد تمنى مثلها جماعة من النسوة ، وقيل سبب نزولها تمني الرجال أن الله كما فضلهم على النساء في الدنيا ، يفضلهم عليهن في الآخرة. قوله : (بهمزة ودونها) أي فهما قراءتان سبعيتان. والحاصل أن هذه المادة إن وردت في القرآن بواو وفاء لغير غائب ففيها القراءتان نحو : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ* وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ) وإن وردت بغيرهما فالقراءة بدون الهمزة لا غير ، نحو : (سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ) ، وإن وردت لغائب مع الواو أو الفاء نحو : (وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا) ، فالقراءة بالهمزة لا غير.
قوله : (وَلِكُلٍ) أي لكل من مات من الرجال أو النساء موالي ، أي ورثة يرثونهم ، وقوله : (مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ) أي من المال الذي تركه الوالدان والأقربون إن ماتوا ، وهذا حل المفسر ، وقال غيره إن قوله : (الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ) بيان للموالي فيكونون وارثين لا موروثين ، وكل صحيح ، والأقرب الأول وعليه ابن عباس ، والقصد بذلك نسخ ما كانت عليه الجاهلية من توريث الخلفاء ، فكان الواحد منهم يأخذ بيمين صاحبه ويقول له دمي دمك وهدمي هدمك ، أعقل عنك وتعقل عني ، وأرثك وترثني ، وقد كان في صدر الإسلام لكل واحد من صاحبه السدس ، ثم نسخ بهذه الآية ، أو بقوله تعالى : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) كما يأتي ، وقوله : دمي دمك أي أنت ولي دمي وأنا ولي دمك ، وقوله : هدمي هدمك بفتح الهاء وسكون الدال أي إذا وقع بيننا قتل كان المقتول منا هدرا ، وقوله أعقل عنك وتعقل عني ، أي إذا ألزمتك دية شاركتك فيها وأنت كذلك.
قوله : (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ) مبتدأ خبره قوله : (فَآتُوهُمْ) وقد فرضه المفسر في تحالف الجاهلية ، وبعضهم فرضه في مؤاخاة النبي بين المهاجرين والأنصار ، وكل صحيح ، وعلى كل فالميراث لهم منسوخ. قوله : (بألف ودونها) أي فهما قراءتان سبعيتان. وروي عن حمزة التشديد مع حذف الألف. قوله : (فَآتُوهُمْ) (الآن) أي في صدر الإسلام ، وقد علمت أن المفسر فرضه في تحالف الجاهلية ، ويجوز فرضه في محالفة المهاجرين مع الأنصار. قوله : (وهذا منسوخ) أي قوله : (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ) الآية.