قَوَّامُونَ) مسلطون (عَلَى النِّساءِ) يؤدبونهن ويأخذون على أيديهن (بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) أي بتفضيله لهم عليهن بالعلم والعقل والولاية وغير ذلك (وَبِما أَنْفَقُوا) عليهن (مِنْ أَمْوالِهِمْ فَالصَّالِحاتُ) منهن (قانِتاتٌ) مطيعات لأزواجهن (حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ) أي لفروجهن وغيرها في غيبة أزواجهن (بِما حَفِظَ) بهن (اللهُ) حيث أوصى عليهن الأزواج (وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَ) عصيانهن لكم بأن ظهرت أماراته (فَعِظُوهُنَ) فخوفوهن الله (وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ) اعتزلوا إلى فراش آخر إن أظهرن النشوز (وَاضْرِبُوهُنَ) ضربا غير مبرح إن لم
____________________________________
قوله : (بقوله وأولوا الأرحام) وقيل منسوخ بالآية قبلها ، والواقع أن كلا ناسخ لها.
قوله : (الرِّجالُ قَوَّامُونَ) سبب نزولها أن سعد بن الربيع أحد نقباء الأنصار ، نشزت زوجته واسمها حبيبة بنت زيد فلطمها ، فانطلق بها أبوها إلى النبي صلىاللهعليهوسلم وقال له قد لطم كريمتي ، فقال النبي لتقتص من زوجها ، فذهبت مع أبيها ، فقال له عليه الصلاة والسّلام : ارجعوا إن جبريل أتاني وقرأ الآية ، ثم قال أردنا أمرا وأراد الله أمرا ، وما أراده الله خير. وهذا كلام مستأنف قصد به بيان تفضيل الرجال على النساء ، وأفاد أن التفضيل لحكمتين : الأولى وهبية ، والثانية كسبية ، واعلم أن بعض الرجال أفضل من جنس النساء ، فلا ينافي أن بعض أفراد النساء أفضل من بعض أفراد الرجال ، كمريم بنت عمران ، وفاطمة الزهراء ، وخديجة ، وعائشة. قوله : (مسلطون) أي قيام سلطنة ، كقيام الولاة على الرعايا فالمرأة رعية زوجها ، وفي الحديث : «كل راع مسؤول عن رعيته». قوله : (ويأخذون على أيديهن) أي يمنعونهن من كل مكروه كالخروج من المنزل.
قوله : (بِما فَضَّلَ) الباء سببية وما مصدرية ، أي بتفضيل الله ، والبعض الأول الرجال ، والثاني النساء ، وأبهم البعض إشارة إلى أن التفضيل بالجملة لا بالتفصيل. قوله : (بالعلم الخ) أشار المفسر لبعض الأمور التي فضلت الرجال بها على النساء ، ومنها زيادة العقل والدين ، والولاية والشهادة والجهاد والجمعة والجماعات ، وكون الأنبياء والسلاطين من الرجال ، ومنها كون الرجل يتزوج بأربع في الدنيا ، وبأكثر في الجنة ، دون المرأة ، وكون الطلاق والرجعة بيد الرجل.
قوله : (وَبِما أَنْفَقُوا) يقال فيه ما قيل في قوله : (بِما فَضَّلَ اللهُ) أي وبإنفاقهم ، ومن جملة الإنفاق دفع المهر. قوله : (مطيعات لأزواجهن) أي في غير معصية الله. قوله : (في غيبة أزواجهن) أي عنهم. قوله : (بِما حَفِظَ اللهُ) أشار المفسر إلى أن ما اسم موصول ، أو نكرة موصوفة ، والعائد محذوف قدره بقوله هن ، والباء سببية أي بسبب الذي ، أو شيء حفظهن الله به ، ولفظ الجلالة فاعل حفظ ، والمعنى أن الله كما أوصى الأزواج بحفظ النساء ، كذلك لا تسمى النساء صالحات إلا إذا حفظهن الأزواج ، لأنه كما يدين الفتى يدان ، ويحتمل أن ما مصدرية ، والمعنى بحفظ الله ، أي توفيق الله لهن. قوله : (عصيانهن لكم) أي فيما تأمرونهن به. قوله : (بأن ظهرت أماراته) أي النشوز بأن ظننتم ذلك.
قوله : (فَعِظُوهُنَ) أي بنحو : اتقي الله واحذري عقابه ، فإن الرجل له حق على المرأة ، وهذا الترتيب واجب ، وأخذ وجوبه من السنة. قوله : (غير مبرح) أي وهو الذي لا يكسر عظما ، ولا يشين جارحة ، واعلم أن الهجر والضرب لا يسوغ فعلهما إلا إذا تحقق النشوز ، ويزاد في الضرب ظن الإفادة ،