قسم (اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ) التي يدعونك إليها فرضا (بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) الوحي من الله (ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍ) يحفظك (وَلا نَصِيرٍ) (١٢٠) يمنعك منه (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) مبتدأ (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) أي يقرؤونه كما أنزل والجملة حال وحق نصب على المصدر والخبر (أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) نزلت في جماعة قدموا من الحبشة وأسلموا (وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ) أي بالكتاب المؤتى بأن يحرفه (فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) (١٢١) لمصيرهم إلى النار المؤبدة عليهم (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) (١٢٢) تقدم مثله (وَاتَّقُوا) خافوا (يَوْماً لا تَجْزِي) تغني (نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ) فيه (شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ) فداء (وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) (١٢٣)
____________________________________
المعرفة الطرفين فإنها تفيد الحصر. قوله : (لام قسم) أي محذوف تقديره وعزتي أو والله وعلامة كونها لام قسم وقوعها قبل إن الشرطية. قوله : (فرضا) أي على فرض وقوعه أو ذلك تخويف لأمته على حد ما قيل في لئن أشركت ليحبطن عملك. قوله : (ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍ) هذا جواب القسم وجواب الشرط محذوف دل عليه المذكور لتأخر الشرط عن القسم لقول ابن مالك :
واحذف لدى اجتماع شرط وقسم |
|
جواب ما أخرت فهو ملتزم |
ولو كان جوابا للشرط لاقترن بالفاء لكونه منفيا بما. قوله : (مِنْ وَلِيٍ) من زائدة لتأكيد النفي. قوله : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) أي القرآن وآتينا صلة الذين والهاء مفعول أول والكتاب مفعول ثان. قوله : (والجملة حال) أي إما مؤولة باسم الفاعل أو المفعول ، فعلى الأول هي حال من مفعول آتينا الأول الذي هو الضمير ، وعلى الثاني هي حال من الكتاب. قوله : (نصب على المصدر) في الحقيقة صفة لمصدر محذوف تقديره تلاوة حق التلاوة ، والمعنى يقرؤونه مجودا مرتلا بخشوع وخضوع ، كما نزل من جبريل لا ينقصون عما ورد ولا يزيدون عليه ، يأتمرون بأمره وينتهون بنهيه ويصدقون وعده ووعيده ويتدبرون معانيه يعملون بمحكمه ويفوضون علم متشابهه إلى الله. قوله : (أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ) مبتدأ وخبر والجملة خبر المبتدأ. قوله : (نزلت في جماعة) أي أربعين اثنان وثلاثون من الحبشة وثمانية من رهبان الشام منهم بحيرا الراهب ، مقدمهم جعفر بن أبي طالب ابن عم رسول الله صلىاللهعليهوسلم. قوله : (وأسلموا) أي وصاروا يتلون القرآن حق التلاوة ، هكذا ذكر المفسر سبب نزولها ، وقيل نزلت في كل من اتصف بهذا الوصف ، وقيل في عبد الله بن سلام وأضرابه. قوله : (بأن يحرفه) أي متعمدا بأن يتلاعب بمعانيه والفاظه ويأخذ بظاهره ، والضمير عائد على القرآن ، وذلك كالخوارج الذين يأخذون بظاهره ولا يعرفون معانيه فضلوا واصلوا ، فإن من جملة أبواب الكفر الأخذ بظواهر الكتاب والسنة.
قوله : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ) تقدمت هذه الآية وكررها لمزيد التقبيح عليهم. قوله : (اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ) أي بالشكر عليها والمراد بها الجنس. قوله : (تقدم مثله) أي من أن المراد عالمي زمانهم ، أو أن المراد آباؤهم الأنبياء ، أو المراد بالتفضيل المزايا ففيهم مزايا لم توجد في غيرهم كفلق البحر وتفجير الماء من الحجر والمن والسلوى.
قوله : (يَوْماً) أي عذاب يوم. قوله : (تغني) (نَفْسٌ) أي مؤمنة وقوله : (عَنْ نَفْسٍ) أي كافرة ، وهذه الجملة صفة ليوما وهو نكرة والجملة إذا وقعت صفة لنكرة فلا بد لها من رابط ، وقد قدره