لذهاب ملكك (وَفِي ذلِكُمْ) العذاب أو الإنجاء (بَلاءٌ) ابتلاء أو إنعام (مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) (٤٩) اذكروا (وَإِذْ فَرَقْنا) فلقنا (بِكُمُ) بسببكم (الْبَحْرَ) حتى دخلتموه هاربين من عدوكم (فَأَنْجَيْناكُمْ) من الغرق (وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ) قومه معه (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) (٥٠) إلى انطباق البحر عليهم (وَإِذْ واعَدْنا) بألف ودونها (مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) نعطيه عند انقضائها
____________________________________
على الياء الأولى فحذفت فالتقى ساكنان حذفت الياء لالتقاء الساكنين ، وقيل حذفت الياء الثانية تخفيفا ، وضمت الأولى لمناسبة الواو ، فعلى الأولى وزنه يستفلون وعلى الثاني وزنه يستفعون. قوله : (لقول بعض الكهنة) أي حين دعاهم ليقص عليهم ما رآه في النوم ، وهو أن نارا أقبلت من بين المقدس حتى اشتملت على بيوت مصر فأحرقت القبط وتركت بني إسرائيل ، فشق عليه ذلك ودعا الكهنة وسألهم عن ذلك فقالوا له ما ذكر. قوله : (أو الإنجاء) أي من حيث عدم الشكر عليه فصار الإنجاء بلاء ، فالبلاء يطلق عليه الخير والشر ، قال تعالى : (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً). قوله : (ابتلاء) راجع للعذاب ، وقوله أو إنعام راجع للإنجاء فهو لف ونشر مرتب.
قوله : (وَ) (اذكروا) (إِذْ فَرَقْنا) هذا من جملة المعطوف على نعمتي أو على اذكروا ، فالمقصود تعداد النعم عليهم وفرق من باب قتل ميز الشيء من الشيء ، قال تعالى : (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ) أي ميزنا به الحق من الباطل. قوله : (فلقنا) الفلق والفرق بمعنى واحد ، قال تعالى : (فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ). قوله : (الْبَحْرَ) هو الماء الكثير عذبا أو ملحا ، لكن المراد هنا الملح ، والمراد به بحر القلزم. قوله : (آلَ فِرْعَوْنَ) يطلق آل الرجل عليه وعلى آله. قال تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ) والمراد محمد وآله (ولقد كرمنا بني آدم) المراد آدم وبنوه. قوله : (إلى انطباق البحر) إشارة إلى أن المتعلق محذوف. قوله : (بألف ودونها) أي فهما قراءتان سبعيتان ، فعلى الألف المواعدة من الله بإعطاء التوراة ، ومن موسى برياضته الأربعين يوما وإتيانه جبل الطور لأخذ التوراة وعلى عدمها فالأمر ظاهر.
قوله : (مُوسى) هو اسم عجمي غير منصرف وهو في الأصل مركب والأصل موشى بالشين لأن الماء بالعبرانية يقال له مو. والشجر يقال له شيء ، فغيرته العرب وقالوه بالسين سمي بذلك ، لأن فرعون أخذه من بين الماء والشجر حين وضعته أمه في الصندوق وألقته في اليم كما سيأتي في سورة القصص ، وهذا بخلاف موسى الحديد فإنه عربي مشتق من أوسيت رأسه إذا حلقته ، وعاش موسى مائة وعشرين سنة. قوله : (أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) إشارة إلى غاية المدة ، وأما في سورة الأعراف فبين المبدأ والمنتهى ، قال تعالى : (وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) وهي ذو العقدة وعشر ذي الحجة ، واقتصر على ذكر الليالي مع أن النهار تبع لها لأن الليل محل الصفا والأنس والعطايا الربانية. قوله : (عند انقضائها أي فراغها فبعد تمام الخدمة من العبد العطايا من الرب ، قال عليه الصلاة والسّلام : «تمام الرباط أربعون يوما». قوله : (التوراة) أي في ألواح من زبرجد فيها الأحكام التكليفية من خرج عنها فهو ضال مضل لقوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ) الآية ، وأعطاه أيضا ألواحا أخر فيها مواعظ وأسرار ومعارف ، قال تعالى : (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) يخص بها من شاء فلما رجع بها ووجدهم قد عبدوا العجل ألقى الألواح فتكسر ما عدا التوراة ، كذا قالوا هنا ، وسيأتي تحقيق