من يوم أحد (مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ) بأحد وخبر المبتدأ (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ) بطاعته (وَاتَّقَوْا) مخالفته (أَجْرٌ عَظِيمٌ) (١٧٢) هو الجنة (الَّذِينَ) بدل من الذين قبله أو نعت (قالَ لَهُمُ النَّاسُ) أي نعيم بن مسعود الأشجعي (إِنَّ النَّاسَ) أبا سفيان وأصحابه (قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ) الجموع ليستأصلوكم (فَاخْشَوْهُمْ) ولا تأتوهم (فَزادَهُمْ) ذلك القول (إِيماناً) تصديقا بالله ويقينا (وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ) كافينا أمرهم (وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) (١٧٣) المفوض إليه الأمر هو وخرجوا مع النبي صلىاللهعليهوسلم فوافوا سوق بدر وألقى الله الرعب في قلب أبي سفيان وأصحابه فلم يأتوا وكان معهم تجارات فباعوا وربحوا قال تعالى (فَانْقَلَبُوا) رجعوا من بدر (بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ) بسلامة وربح (لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ) من قتل أو جرح (وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللهِ) بطاعته ورسوله في الخروج (وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) (١٧٤) على أهل طاعته (إِنَّما ذلِكُمُ) أي القائل لكم إن الناس الخ (الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ) كم (أَوْلِياءَهُ) الكفار (فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ) في ترك أمري (إِنْ كُنْتُمْ
____________________________________
في غزوة أحد يوم الأحد بعد الواقعة التي كانت يوم السبت ، وتسمى غزوة يوم الأحد غزوة حمراء الأسد ، وهي التي مدحهم الله بها وانجبر خللهم بها. قوله : (بأحد) المناسب أن يقول بعد ذلك يوم السبت ، واستجابوا له يوم الأحد ، قوله : (مِنْهُمْ) من بيانية على حد فاجتنبوا الرجس من الأوثان.
قوله : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ) شروع في ذكر غزوة بدر الثالثة وتسمى بدر الصغرى ، وكانت في السنة الرابعة من شعبان وهو يوم موسم عظيم لقبائل العرب كل عام ، فخرج أبو سفيان حتى نزل مر الظهران ، فألقى الله الرعب في قلبه فلقي نعيم بن مسعود الأشجعي ، فقال أبو سفيان يا نعيم إني قد واعدت محمدا أن نلتقي بموسم بدر وهذا عام جدب ، فأحب أن يكون الخلف منه لا مني ، فاذهب إلى المدينة فثبطهم عن الخروج ، ولك عندي عشرة من الإبل ، فانطلق نعيم إلى المدينة فوجد النبي وأصحابه يتجهزون ، فقال لهم ما تريدون فقالوا لميعاد أبي سفيان ، فقال لهم لا تقدرون عليهم فإنهم قد جمعوا لكم فاخشوهم ، فقال النبي لأخرجن اليهم ولو وحدي ، فخرج النبي في ألف وخمسمائة مقاتل حتى بلغوا بدرا وكانت موضع سوق للعرب يجتمعون فيها كل عام ثمانية أيام ، فصادفوا الموسم وباعوا ما كان معهم من التجارات ، فربحوا في الدرهم درهمين ولم يأتهم أحد من المشركين ، فرجعوا بربح وأجر عظيمين ، وأسلم كثير من أهل القبائل حينئذ. قوله : (أي نعيم بن مسعود) أي فأطلق الكل وأراد البعض ، وقد أسلم بعد ذلك عام الخندق. قوله : (ذلك القول) أشار بذلك إلى فاعل زاد على حد (اعدلوا هو أقرب للتقوى). قوله : (هو) أي الله وهو إشارة للمخصوص بالمدح ، وهذه الدعوة من أفضل الدعوات ، وقد استعملها العارفون للمهمات وجعلوا عدتها أربعمائة وخمسين ، فمن فعلها كفاه الله ما أهمه. قوله : (فلم يأتوا) أي أبو سفيان وأصحابه ، وقد أسلم هو يوم الفتح بعد أن أسر قوله : (وربحوا) أي في الدرهم درهمين. قوله : (بسلامة وربح) راجع للنعمة والفضل. قوله : (أي لقائل لكم) أي وهو نعيم بن مسعود الأشجعي. قوله : (يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ) أشار بذلك إلى أن يخوف ينصب مفعولين الكاف المقدرة مفعول أول وأولياء مفعول ثان ، والمعنى يخوفكم شر أوليائه وهم الكفار.