مُصَلًّى) مكان صلاة بأن تصلوا خلفه ركعتي الطواف وفي قراءة بفتح الخاء خبر (وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ) أمرناهما (أَنْ) أي بأن (طَهِّرا بَيْتِيَ) من الأوثان (لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ) المقيمين فيه (وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) (١٢٥) جمع راكع وساجد المصلين (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا) المكان (بَلَداً آمِناً) ذا أمن وقد أجاب الله دعاءه فجعله حرما لا يسفك فيه دم إنسان ولا يظلم فيه أحد ولا يصاد صيده ولا يختلى خلاه (وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ) وقد فعل بنقل الطائف من الشام إليه وكان أقفر لا زرع فيه ولا ماء (مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) بدل
____________________________________
البيت) أي بناؤه كان متأخرا عن بناء مكة فجرهم بنوا مكة أولا وإبراهيم بنى البيت ثانيا ، وذلك أن إبراهيم لما جاء بأم اسماعيل وابنها وهي ترضعه وضعهما عند مكان البيت وليس هناك يومئذ بناء ولا أحد ، فعطشت واشتد عليها الأمر ، فجاءها جبريل فبحث بعقبه أو بجناحه موضع زمزم حتى ظهر الماء فصارت تشرب منه ، فاستمرت كذلك هي وولدها حتى مرت بهم طائفة من جرهم فقالوا لها أتأذنين أن ننزل عندك قالت نعم ولكن لا حق لكم في الماء قالوا نعم فنزلوا عندها وبنوا مكة ، فلما شب إسماعيل وأعجبهم زوجوه امرأة منهم. قوله : (بأن تصلوا خلفه) هذا تخصيص لكون الصلاة عنده ومعنى كون الصلاة خلفه باعتبار مقصورته وإلا فهو مربع لا خلف له ولا إمام ، وهذا بحسب ما سبق من الزمان فإنه كان الحجر مقصورة بابها لجهة البيت ، وأما الآن فقد حول الباب فالمصلي الآن يصلي لجهة الباب فهو قبالته ولا خلفه.
قوله : (وفي قراءة) هما سبعيتان. قوله : (خبر) أي جملة خبرية معطوفة على جعلنا مسلط عليها إذ أي اذكر جعلنا واذكر إذ اتخذ الناس من مقام إبراهيم مصلى. قوله : (وَإِسْماعِيلَ) فيه لغتان باللام والنون ويجمع على سماعل وسماعلة وأسامع ، قيل سمي بذلك لأن ابراهيم لما دعا الله أن يرزقه ولدا صار يقول اسمع إيل أي استجب يا الله. قوله : (أَنْ) يحتمل أنها تفسيرية وهو الأقرب لوجود ضابطها ، وهو أن تتقدمها جملة فيها معنى القول دون حروفه وصحة حلول أي محلها ، ويحتمل أنها مصدرية وكلام المفسر يحتملها. قوله : (من الأوثان) إن قلت إنه لم يكن حين بناء البيت أوثان ، قلت أجيب بأن المراد طهره فيما يستقبل من الزمان لعلم الله أن المشركين ستتخذ أوثانا ، وليس المراد أن الأوثان كانت موجودة حينئذ وأمر بطهارته منها. قوله : (لِلطَّائِفِينَ) جمع طائف وهو الذي يطوف حوله الأشواط. قوله : (وَالْعاكِفِينَ) جمع عاكف وهو عرفا الملازم للمسجد للعبادة على وجه مخصوص ، ولكن المراد به هنا المقيم فيه يفسره قوله في الآية الأخرى ، (والقائمين) فالعاكفون والقائمون والمقيمون بمعنى واحد. قوله : (المصلين) أخذ ذلك من عدم عطف السجود على الركوع ، فالمراد جمعهما في عبادة ، لا أن الركوع قسم والسجود قسم آخر.
قوله : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ) معطوف على وإذ ابتلى. قوله : (بَلَداً) نكره هنا وعرفه بأل في سورة إبراهيم لأنه قيل إن ما هنا كان قبل بنائها وما هناك بعد. قوله : (آمِناً) إن قلت إن الله قد امتن به من غير سؤال إبراهيم ، أجيب بأن المراد بالذي امتن الله به الأمن من إغارات الأعداء وبالذي طلبه إبراهيم الأمن من القحط والجوع. قوله : (خلاه) بالقصر أي حشيشه. قوله : (مِنَ الثَّمَراتِ) أي بعضها. قوله : (إليه) أي إلى قربه بنحو مرحلتين ، وقد نقل الموضع الذي كان بالحجاز موضع ما نقل من الشام