لنقبضها (الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ) الهوان (بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِ) بدعوى النبوة والإيحاء كذبا (وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) (٩٣) تستكبرون عن الإيمان بها وجواب لو : لرأيت أمرا فظيعا (وَ) يقال لهم إذا بعثوا (لَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى) منفردين عن الأهل والمال والولد (كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) أي حفاة عراة غرلا (وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ) أعطيناكم من الأموال (وَراءَ ظُهُورِكُمْ) في الدنيا بغير اختياركم (وَ) يقال لهم توبيخا (ما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ) الأصنام (الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ) أي في استحقاق عبادتكم (شُرَكاءُ) لله (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) وصلكم أي تشتت جمعكم وفي قراءة بالنصب ظرف أي وصلكم بينكم (وَضَلَ) ذهب (عَنْكُمْ
____________________________________
أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه. قوله : (يقولون لهم تعنيفا) أي لأن الإنسان لا يقدر على إخراج روحه ، وإنما ذلك لأجل تعنيفهم ، ويحتمل أن معنى (أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ) نحوها من العذاب الذي حل بكم تهكما بهم.
قوله : (الْيَوْمَ) ظرف لقوله : (تُجْزَوْنَ) فالوقف ثم على قوله أنفسكم ، وأل في اليوم للعهدي اليوم المعهود وهو يوم خروج أرواحهم ، ويحتمل أن المراد باليوم يوم القيامة ، والأحسن أن يراد ما هو أعم. قوله : (الهوان) أي الذل والصغار ، لا عذاب التطهير كما يقع لبعض عصاة المؤمنين ، لأن كل عذاب يعقبه عفو ، فلا يقال له هون ، وإنما يقال لعذاب الكافر. قوله : (بِما كُنْتُمْ) الباء سببية ، وما مصدرية ، أي بسبب كونكم تقولون الخ. قوله : (بدعوى النبوة الخ) هذا راجع لقوله : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ). قوله : (وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) أي وبسبب كونكم تستكبرون عن آياته ، فالجار والمجرور متعلق بتستكبرون ، وهو راجع لقوله ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ، ففيه لف ونشر مرتب ، وهذا باعتبار سبب النزول ، وإلا فكل كافر يقال له ذلك عند الموت.
قوله : (وَ) (يقال لهم) اختلف في تعيين القائل ، فقيل الله سبحانه ، وقيل الملائكة ترجمانا عن الله وهذا مرتب على الخلاف هل الله يكلمهم أو لا. قوله : (فُرادى) جمع فردا وفريدا وفردان بمعنى منفردين خالين عن الدنيا ومتاعها. قوله : (حفاة عراة) أي وذلك عند الحساب ، فلا ينفي أنهم يخرجون من القبور بالأكفان ، فإذا حشروا ودنت الشمس من الرؤوس تطايرت الأكفان. قوله : (غرلا) بضم الغين المعجمة وسكون الراء المهملة ، جمع أغرل كحمر جمع أحمر ، أي غير مقطوعين القلفة.
قوله : (وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ) الجملة حالية من فاعل جئتمونا ، وقوله : (وَراءَ ظُهُورِكُمْ) متعلق بتركتم. قوله : (أي في استحقاق عبادتكم) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضافين. قوله : (بَيْنَكُمْ) على قراءة الرفع هو فاعل تقطع ، والبين بمعنى الوصل وهو المراد هنا ، ويراد منه البعد من باب تسمية الأضداد. قوله : (وفي قراءة بالنصب) أي وهي سبعية أيضا ، والفاعل على هذه القراءة ضمير يعود على الوصل المفهوم من قوله : (شُفَعاءَكُمُ) و (شُرَكاءُ) لأن بين الشفيع والمشفوع له إيصال ، و (بَيْنَكُمْ) ظرف له ، والتقدير تقطع الوصل فيما بينكم فقول المفسر (أي وصلكم) تفسير للضمير