التوراة لتعلموا بها (ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ) الذي صاغه لكم السامري إلها (مِنْ بَعْدِهِ) أي بعد ذهابه إلى ميعادنا (وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ) (٥١) باتخاذه لوضعكم العبادة في غير محلها (ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ) محونا ذنوبكم (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) الإتخاذ (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٥٢) نعمتنا عليكم (وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) التوراة (وَالْفُرْقانَ) عطف تفسير أي الفارق بين الحق والباطل والحلال والحرام (لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (٥٣) به من الضلال (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ) الذين عبدوا العجل (يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ) إلها (فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ) خالقكم من عبادته (فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) أي ليقتل البريء منكم المجرم (ذلِكُمْ) القتل (خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ) فوفّقكم لفعل ذلك وأرسل عليكم سحابة سوداء لئلا يبصر بعضكم بعضا فيرحمه حتى قتل منكم نحو سبعين ألفا (فَتابَ عَلَيْكُمْ) قبل توبتكم (إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (٥٤) (وَإِذْ قُلْتُمْ) وقد خرجتم مع موسى لتعتذروا إلى الله من عبادة العجل وسمعتم كلامه (يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) عيانا (فَأَخَذَتْكُمُ
____________________________________
ذلك في الأعراف. قوله : (السامري) واسمه موسى وكان ابن زنا ولدته أمه في الجبل وتركته لخوفها من قومها ، فرباه جبريل وكان يسقيه من أصبعه لبنا فصار يعرف جبريل ، ويعرف أن أثر حافر فرس جبريل إذا وضع على ميت يحيا ، فاستعار حليا منهم وصاغة عجلا ووضع التراب في أنفه وفمه فصار له خوار ، وكان السامري منافقا من بني إسرائيل فعكفوا على عبادته جميعا إلا اثني عشر ألفا قال بعضهم :
إذا المرء لم يخلق سعيدا من الأزل |
|
قد خاب من ربى وخاب المؤمل |
فموسى الذي رباه جبريل كافر |
|
وموسى الذي رباه فرعون مرسل |
قوله : (إلها) قدره إشارة للمفعول الثاني لاتخذ هذا إذا كانت بمعنى جعل ، وأما إن كانت بمعنى عمل نصبت مفعولا واحدا. قوله : (لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) أي تتدبرون في معانيه فتعلموا الحق من الباطل قوله : (بِاتِّخاذِكُمُ) من إضافة المصدر لفاعله ، والعجل مفعول أول وإلها مفعول ثان. قوله : (إِلى بارِئِكُمْ) البارىء هو الخالق للشيء على غير مثال سابق. قوله : (فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) هذا بيان لتوبتهم. قوله : (أي ليقتل البريء إلخ) ورد أنهم أمروا جميعا بالإحتباء ، فصار الواحد منهم يقتل أخاه أو ابنه فشق عليهم ذلك ، فشكوا لموسى ذلك فتضرع موسى لربه فأرسل عليهم سحابة سوداء مظلمة كما قال المفسر.
قوله : (فَتابَ عَلَيْكُمْ) أي لما تضرع موسى وهارون وبكيا ، فأرسل الله جبريل يأمرهم بالكف عن الباقي وأخبرهم أن الله قبل توبة من قتل ومن لم يقتل ، وقوله فتاب عليكم الفاء سببية مرتب على محذوف قدره المفسر بقوله : فوفقكم لفعل ذلك إلخ ، وقوله حتى قتل منكم نحو سبعين ألفا أي في يوم واحد. قوله : (التَّوَّابُ) أي الذي يقبل التوبة كثيرا. قوله : (الرَّحِيمُ) أي المنعم المحسن. قوله : (وقد خرجتم إلخ) بيان للسبب ، وحاصل ذلك أنه بعد قبول توبتهم ، أوحى الله إلى موسى أن خذ من قومك سبعين رجلا ممن لم يعبدوا العجل ومرهم بطهارة الثياب والأبدان والذهاب معك إلى جبل الطور ليعتذروا عمن عبدوا العجل ويستغفروا ويتوبوا ، فاختارهم وذهبوا معه إلى جبل الطور فسمعوا كلام الله ورد أن الله قال لهم إني أنا الله لا إله إلا أنا أخرجتكم من أرض مصر بيد شديدة فاعبدون ولا تعبدوا غيري ، فقالوا : (يا موسى لن نؤمن لك الآية). قوله : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ) أي لن نصدقك في أن المخاطب لنا