خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ) جزاؤه (وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) (٢٧٢) تنقصون منه شيئا والجملتان تأكيد للأولى (لِلْفُقَراءِ) خبر مبتدأ محذوف أي الصدقات (الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) أي حبسوا أنفسهم على الجهاد ، نزلت في أهل الصفة وهم أربعمائة من المهاجرين أرصدوا لتعلم القرآن والخروج مع السرايا (لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً) سفرا (فِي الْأَرْضِ) للتجارة والمعاش لشغلهم عنه بالجهاد (يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ) بحالهم (أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ) أي لتعففهم عن السؤال وتركه (تَعْرِفُهُمْ) يا مخاطبا (بِسِيماهُمْ) علامتهم من التواضع وأثر الجهد (لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ) شيئا فيلحفون (إِلْحافاً) أي لا سؤال لهم أصلا فلا يقع منهم إلحاف وهو الإلحاح (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) (٢٧٣) فمجاز عليه (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٢٧٤) (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا) أي يأخذونه وهو الزيادة
____________________________________
كانت النفقة على مسلم أو كافر ، بل ورد أن الله غفر لإنسان بسبب سقيه كلبا يلهث عطشا. قوله : (خبر بمعنى النهي) راجع للجملة الثانية أي فهي خبرية لفظا إنشائية معنى ، والمعنى لا تجعلوا إنفاقكم إلا خالصا لوجه الله لا لغرض آخر لا دنيوي ولا أخروي ، وهذا هو المقام الأعلى ، أو لا تقصدوا إلا وجه الله بمعنى ثوابه ، وهذا أدنى منه ، وارتكبه المفسر وإن كانت الآية محتملة لهما بالنظر لأخلاق العامة ، والمعنى في هذه الجملة أن تكون خبرية لفظا ومعنى وتكون قيدا فيما قبلها فالمعنى : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ) إن قصدتم بها وجه الله. قوله : (مِنْ خَيْرٍ) أي قليلا أو كثيرا. قوله : (تنقصون منه شيئا) أي سواء كان قليلا أو كثيرا ولو خردلة. قوله : (للأولى) أي وهي. قوله : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ) قوله : (أي الصدقات) أي المتقدم ذكرها تصرف وتعطى للفقراء الذين أحصروا الخ. قوله : (في أهل الصفة) أي وهي محل في مؤخر المسجد النبوي ، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فالمراد كل من كان متصفا بأوصافهم فالصدقات تعطى له. قوله : (وهم أربعمائة) أي ورئيسهم عبد الرحمن بن صخر المكنى بأبي هريرة. قوله : (من المهاجرين) أي الذين هاجروا مع رسول الله من مكة وما حولها وتركوا أموالهم وديارهم ، ولم يكن لهم بالمدينة مساكن ولا عشائر ، وكانوا غير متزوجين ، وكانوا يستغرقون أوقاتهم في الاشتغال بالقرآن والسنة والعبادة ليلا والجهاد نهارا ، وكانوا يقفون أول صف في الصلاة والجهاد. قوله : (أرصدوا لتعلم القرآن) أي والصلاة خلف النبي وقيام الليل. قوله : (بالجهاد) أي في طاعة الله ، إما بالغزو أو بتعلمهم القرآن ، وغير ذلك من أنواع الطاعات. قوله : (وأثر الجهد) أي من عظيم الخدمة مع الجوع. قوله : (شيئا) قدره إشارة إلى مفعول يسألون ، قوله : (فيحلفون) قدره إشارة إلى أن إلحافا مفعول لمحذوف. قوله : (أي لا سؤال لهم أصلا) أي فالنفي منصب على القيد وهو الالحاف والمقيد وهو أصل السؤال ، فالالحاف منفي قطعا لانتفاء أصل السؤال.
قوله : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ) هذه الجملة تأكيد للجملة المتقدمة. قوله : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ) قيل نزلت في أبي بكر حيث تصدق بأربعين ألف دينار ، عشرة آلاف بالليل ومثلها بالنهار ، ومثلها سرا ومثلها علانية ، وقيل في علي كان معه أربعة دراهم لم يملك غيرها ، فتصدق بدرهم ليلا. وبآخر نهارا وبآخر سرا وبآخر علانية ، ولكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فالمراد بيان أجر