إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ) (٦٥) تخافونه فتؤمنون (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ) جهالة (وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ) (٦٦) في رسالتك (قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٦٧) (أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ) (٦٨) مأمون على الرسالة (أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى) لسان (رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ) في الأرض (مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً) قوة وطولا وكان طويلهم مائة ذراع وقصيرهم ستين (فَاذْكُرُوا آلاءَ اللهِ) نعمه (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٦٩) تفوزون (قالُوا أَجِئْتَنا
____________________________________
وإنما اجتمع معهم في سام ، وكان بين هود ونوح ثمانمائة سنة ، وبين القبيلتين مائة سنة ، وعاش أربعمائة وأربع وستين سنة ، وعاد يجوز صرفه باعتبار كونه اسما للحي ، ومنعه باعتبار كونه اسما للقبيلة ، وهذا من حيث العربية ، وأما في القرآن فلم يقرأ بمنع الصرف.
قوله : (قالَ يا قَوْمِ) أتى في قصة نوح بالفاء لأنه كان مسارعا في دعوتهم إلى الله غير متوان كما حكى في سورة نوح ، قال تعالى : (قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهاراً) بخلاف هود. قوله : (ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) أي لأنه الخالق للعالم المتصرف فيه. قوله : (أَفَلا تَتَّقُونَ) الهمزة داخلة على محذوف ، والفاء عاطفة على ذلك المحذوف ، والتقدير أتركتم التفكر في مصنوعات الله أفلا تتقون. قوله : (الَّذِينَ كَفَرُوا) صفة للملأ كاشفة ، لأن هذه المقالة لا تقع من مؤمن ، ولذا تركت من قصة نوح لعلمها مما هنا. قوله : (إِنَّا لَنَراكَ) رأى هنا علمية ، فمفعولها الأول الكاف ، والثاني متعلق بالجار والمجرور. قوله : (فِي سَفاهَةٍ) الحكمة في تعبير قوم هود بالسفاهة ، وقوم نوح بالضلال ، أن نوحا لما خوف قومه بالطوفان ، وجعل يصنع الفلك ، نسبوه للضلال ، حيث أتعب نفسه في عمل سفينة في أرض لا ماء بها ولا طين ، وهود لما نهاهم عن عبادة الأصنام صمودا وصمدا وهبا ونسب من يعبدها للسفه ، خاطبوه بمثل ما خاطبهم به.
قوله : (وَلكِنِّي رَسُولٌ) تقدم أن مثل هذا الاستدراك وقع أحسن موقع ، لكنه وقع بين ضدين. قوله : (أُبَلِّغُكُمْ) بالتخفيف والتشديد قراءتان سبعيتان. قوله : (وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ) الحكمة في تعبير هود بالجملة الاسمية ، ونوح بالجملة الفعلية ، أن هودا كان نصوحا مع التراخي ، ومعلوم أن ذلك يدل عليه بالجملة الاسمية ، ونوح كان مكررا للنصح ، وذلك يدل عليه بالجملة الفعلية ، لأن الفعل للتجدد. قوله : (مأمون على الرسالة) أي فلا أزيد ولا أنقص.
قوله : (أَوَعَجِبْتُمْ) الهمزة داخلة على محذوف تقديره أكذبتموني وعجبتم. قوله : (ذِكْرٌ) أي موعظة تخوفكم من عذاب الله. قوله : (إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ) إذ ظرف مفعول لا ذكروا ، أي اذكروا وقت جعلكم ، والمقصود ذكر النعمة لا ذكر وقتها. قوله : (بَصْطَةً) بالسين والصاد قراءتان سبعيتان ومعناهما واحد. قوله : (قوة وطولا) أي ومالا. قوله : (مائة ذراع الخ) الذي قاله المحلي في سورة الفجر ، إن طويلهم كان أربعمائة ذراع بذراع نفسه ، وفي رواية خمسمائة ذراع ، وقصيرهم ثلاثمائة ذراع ، وكان رأس الواحد منهم قدر القبة العظيمة ، وكانت عينه بعد موته تفرخ فيها الضباع. قوله : (آلاءَ اللهِ) جمع إلى بكسر الهمزة وضمها ، كحمل وقفل ، أو بكسر ففتح كضلع ، أو بفتحتين كقفا. قوله : (تفوزون) أي